هؤلاءٍ أمّتِي وإليهِم أنتمي

دين هو دين الله هو الإسلام و هو شرطه على الناس أن يسالم بعضهم بعضا ، فليس هناك دين إسمه المسيحية و لا اليهودية. فالمسيح دينه الإسلام و موسى دينه الإسلام وأتباع اي نبي من الأنبياء قد يكونوا مسلمين و قد يكونوا ممن يرفع الشعارات و لا علاقة لهم برسالة الأنبياء التي هي واحدة.
رسالة السماء لأهل الأرض لم تتعدد و لم تختلف ، فالدين واحد و الرسالة واحدة
النبي الكريم محمد امتداد لعائلته الكبيرة، عائلة الأنبياء الذين هم مثل الإنسانية العليا بصدقهم و جهادهم لتحرير الإنسان من العبودية للأشياء و الناس و الوقوف مع المستضعفين ، هؤلاء أمّتي و إليهم أنتمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاثنين، 10 أغسطس 2009

الفقير .. فقير دون النظر الى دينه او جنسيّته



الفقير لا جنسية له

الفقير هو المحتاج والغني هو المستغني عن الحاجة لغيره ، نفهم هذا من قوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " ( فاطر : 15) فالله تعالى هو وحده الغني الذي لا يحتاج إلى أحد ويحتاج إليه كل أحد . فكلنا فقير إلى الله أي محتاج إليه .

إذن فالفقير معناه في القرآن هو المحتاج من الناس ، وموسى عليه السلام حين وصل إلى مدين هاربا لا يملك شيئا استلقى إلى جانب شجرة ودعا ربه قائلا " رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ " ( القصص :24 ) يعني محتاج إلى أي خير ترزقني به .
. وليس في امكان البشر توزيع الرزق ، ولا يستطيع كل إنسان تحقيق أمنيته ليصبح اغني رجل في العالم ، وإلا ما كان هناك فقير في الدنيا .. كلنا يتمني أن يحصل على أكبر قدر من الثروة ، ولكن الثروة كالسراب يتنقل من هذا إلى ذاك ، وليس بإمكان مخلوق أن يضمن الثراء لنفسه أو للآخرين ، لأن توزيع الرزق بيد المولى تعالى ، وهو الذي شاء أن يختبر الناس بذلك التفاوت في الرزق " وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ : النحل: 71 " فالله يختبرنا بالثروة إذا أعطاها لنا وحين ينزعها منا وحين يحرمنا إياها .
. والله تعالى ضمن الرزق لكل دابة في الأرض " وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا : هود : 6 " وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ" العنكبوت :60 . وكل إنسان هو سبب الرزق لأخيه الإنسان ، صاحب العمل هو سبب في رزق العمال ، ورزق صاحب العمل متوقف على عمل العمال ، والأب سبب في رزق أولاده ، والأولاد سبب في رزق أبيهم ، لذلك يقول تعالى في النهي عن قتل الأبناء مخافة الرزق "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ : الأنعام 151" . ويقول " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ : الإسراء :31 " .قال للآباء عن الأولاد " نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ " و" نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ " فرزق الأولاد متوقف على الآباء ورزق الآباء متوقف على الأبناء والفضل لله وحده وهو الرزاق المتين .
. وكذلك أيضا فالفقير المحتاج جعل الله له حقا في مال الغني ليختبر ذلك الغني ، وإذا أعطى الفقير حقه أوسع الله له في الرزق ، فرزق الفقير في جيب الغني ، ورزق الغني يتوقف على الفقير يقول تعالى " قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ :سبأ 39 " .
. وتوزيع الرزق من الله لا يرتبط بالإيمان أو الصلاح ، وإبراهيم عليه السلام حين دعا ربه أن يرزق نسله حول الحرم قال " رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ " أي قصر دعوته بالرزق على المؤمنين فقط ولكن الله قال " قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.. البقرة 126."
فالرزق في الدنيا من الله للجميع ، ولكن الجنة في الآخرة لمن يسعى سعيها وهو مؤمن .
. وهكذا فإن إعطاء المحتاج الفقير حقه المفروض لا يتوقف على إيمانه أو صلاحه ، فالذي يعطي الصدقة لفقير ليس مسئولا عن هدايته ، وإنما هو مسئول أمام الله عن إعطائه حقه في الصدقة ، وهو أن أعطي الفقير حقه فقد أرضى به , يقول تعالى " لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ . البقرة : 271 " .
فليس عليك هداية الفقير فالهداية من الله , ولكن الذي عليك أن تعطيه حقه في مالك .
. والمسلم يدفع الصّدقه الرسمية ولها مستحقون معينون أوضحتهم آية الصدقة " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ . التوبة : 60 " . فالذين يستحقون الصدقة الرسمية أصناف ثمانية هم : الفقراء , المساكين , جامعو الصدقات , والذين تستميلهم الدولة ، وعتق الرقيق والذي يغرم ماله في ضمان مدين معسر ، وابن السبيل الغريب , ثم في الجهاد في سبيل الله ، وفيما عدا المجاهدين في سبيل الله الذين لابد أن يكونوا بالضرورة مسلمين ، فإن الأصناف السبعة السابقين لا يشترط أن يكونوا مسلمين . فالفقير له حق في الصدقة الرسمية بغض النظر عن دينه مسلما أو نصرانيا أو يهوديا أو ملحدا .. وكذلك المسكين وابن السبيل إلى أخر الأصناف السبعة .
. والمسلم إلى جانب الزكاة يدفع صدقة تطوعية وهو يجعل لها قدرا معلوما من دخله , فإذا سأله سائل محتاج أعطاه ، وبالصّقه الرسمية والصدقة الفردية تغطي الصدقة والزكاة احتياجات الفقراء يقول تعالى " وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . الذاريات 19 ." وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ . المعارج 24 : 25 " .
فالمسلم قلبه لله إذا رأى محروما لا يسأل عن دينه ومعتقده وصلاحه وإنما يبادر بإعطاء ذلك المحروم حقه الذي فرضه الله له في مال المسلم والمؤمن حق الإيمان إذا سأله محتاج لا يستجوبه في دينه أو مذهبه ولا يأخذه بسلوكه ليتخذ من ذلك حجة في حرمانه من حقه المعلوم الذي أوجبه الله .
إن المحروم لا جنسية له .. والفقير له حقه في مال الله الذي أعطاه للأغنياء وينبغي أن يأخذ حقه بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه , فيكفي أنه فقير ليأخذ حقه .

. لم يرد في القرآن مطلقا اشتراط أن يكون الفقير مسلما أو مهتديا ليستحق الصدقة , بل نهى رب العزة عن ربط الهداية بإعطاء الصدقة فقال " لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ . البقرة : 271 " .
وحتى في عتق الرقيق لم يشترط أن يكون الرقيق مؤمنا إلا في حالة واحدة : إذا كان القتيل مؤمنا فعلى القاتل الذي اخطأ أن يدفع دية المقتول المؤمن وان يحرر رقبة مؤمنة " وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ . النساء : 92 " ، والمؤمن هنا ليس بالايمان القلبى ، ولكن بالايمان السلوكى بمعنى ان يكون مسالما مامون الجانب ، على نحو ما سبق شرحه فى معنى الاسلام والايمان الظاهرى و القلبى .
وفي حالة التزويج فقط رغب القرآن في تزويج الفقراء الصالحين الأبرار ووعد بأن يوسع في رزقهم " وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ . النور : 32 " وهو ترغيب للفقراء من ذكور وإناث في أن يكونوا صالحين ليثق بهم من يريد تزويجهم أو الزواج منهم ثم هو ترغيب للجميع بالتوسعة في الرزق .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق