هؤلاءٍ أمّتِي وإليهِم أنتمي

دين هو دين الله هو الإسلام و هو شرطه على الناس أن يسالم بعضهم بعضا ، فليس هناك دين إسمه المسيحية و لا اليهودية. فالمسيح دينه الإسلام و موسى دينه الإسلام وأتباع اي نبي من الأنبياء قد يكونوا مسلمين و قد يكونوا ممن يرفع الشعارات و لا علاقة لهم برسالة الأنبياء التي هي واحدة.
رسالة السماء لأهل الأرض لم تتعدد و لم تختلف ، فالدين واحد و الرسالة واحدة
النبي الكريم محمد امتداد لعائلته الكبيرة، عائلة الأنبياء الذين هم مثل الإنسانية العليا بصدقهم و جهادهم لتحرير الإنسان من العبودية للأشياء و الناس و الوقوف مع المستضعفين ، هؤلاء أمّتي و إليهم أنتمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخميس، 6 أغسطس 2009

التقويم الهجري كيف كان وكيف أصبح 3

( التقويم الهجري كيف كان وكيف أصبح )
الجزء الثالث
16-هل للأشهر الحرم

علاقة بأشهر الحج المعلومات؟


قبل الدخول في هذا الموضوع، أحب أن يتفكر معي القارئ الكريم في الآيات التالية من القرآن العظيم:
( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون*)216-2.
(... يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء...*) 255-2.
( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها...*) 2-34.
(... ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ...*) 59-6.
( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير*) 14-67.
وأن يتساءل كما تساءلت: لماذا اختصرت السلطات الإسلامية فترة الحج المعلنة للناس في الأرض بأشهر الحج المعلومات في القرآن العظيم إلى يوم واحد هو يوم العاشر من شهر ذي الحجة، بحجة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد اختارها للوقوف على عرفة، فقالوا الحج عرفة ونحن على سنة رسول الله وسيكون وقوف الحجاج من بعده على جبل عرفة في العاشر من شهر ذي الحجة، دون أن يقدر أحد منهم أن ذلك التل الصغير لن يستوعب آلافا منهم، فكيف له أن يستوعب ملايين الراغبين بالحج في كل عام إذا كان الإسلام سيكون للعالمين دينا؟
الحج، حسب كتاب الله تعالى ليس للمسلمين وحدهم بل هو منذ البداية لكل خلق الله تعالى من الناس في الأرض بدليل قوله تعالى:
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق*) 27-22.
ولم يقل سبحانه : وأذن في المؤمنين أو في المسلمين وحدهم، أما الآيات التي حرمت دخول المشركين باساليبهم القديمة إلى الحرم المكي فقد كانت من الآيات المحكمات الموجهات لعصر الرسول وحده مثل آيات سورة التوبة السورة المحكمة الوحيدة بكامل آياتها في كل القرآن.*
اقتباس:
* للحاشية: راجع موضوع المحكم والمتشابه في الكتاب السادس للمؤلف الذي نشر باسم: إله واحد ودين واحد طبع مكتبة المدبولي القاهرة.
كما أن الله تعالى قد وسع الأمور على المسلمين ولم يضيقها عليهم أبدا، لكن، مع الأسف، فقد أتى من بعد الراشدين من ضيقها عليهم من بعض أولي الأمر.

الدليل على توسيعها من قبل الله سبحانه أنه قد قسمها بين الراغبين لتكون أياما معدودات تكفي كل الراغبين من الناس على تلبية نداء الله بالحج إلى بيته المشرف والمحرم، وهم يتصايحون: لبييك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون*) 203-2.
لكن اختصار فترة الحج اليوم لأيام معدودات لكل الأمم المسلمة في الأرض ظلم من أكبر المظالم التي فرضناها على أنفسنا كمسلمين نتيجة جهلنا بالقرآن دون أن يظلمنا أحد.
هذا وقد ذكرت موضوع الحج وأشهره المعلومات لأبين للقارئ الكريم أن تلك الأشهر لا علاقة لها بالأشهر الحرم التي حرم فيها سبحانه صيد البر وحلل فيها صيد البحر.
لكن، مع الأسف، فإن أغلب رجال الدين الإسلامي اعتبروا معرفة الأشهر الحرم التي حرم فيها سبحانه صيد البر، أو معرفة مواسم السنة وفصولها الأربعة من الأمور الثانوية والغير ضرورية، ظنا منهم أن اختلاف التقويم الهجري عن باقي تقاويم العالم، ميزة له وليست عيبا فيه، فلم يلزموا أنفسهم بالتفكير في أسباب عدم تطابق أشهر هذا التقويم الذي فقد شهر تقويمه الذي يجب أن يضاف كل اثنتين وثلاثين شهرا قمريا مرة كي تعود الأشهر القمرية إلى أماكنها الموسمية, بل اكتفوا بالقول : (قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه أباءنا) 21-31
[17- البرهان على أن الرسول عليه الصلاة والسلام.كان يتحاشى القتال في الأشهر الحرم الأربعة: محرم وصفر وربيع أول وربيع ثاني.
إذا إنتبهنا إلى تواريخ غزوات الرسول وخلفائه الراشدين من بعده، والتي ذكرتها المصادر الغربية مؤرخة، نفاجأ أنها تأتي دائما في فصل الصيف مع أن القتال في أشهر الربيع: محرم وصفر وربيع أول وربيع ثان والتي تقابلها في التقويم الغربي: شباط وآذار ونيسان وأيار، أسهل على المقاتلين، بدلا من أن تحصل في أشهر الصيف والحر والمنافقون من المخلفين كانوا يتذمرون من ذلك بدليل قوله تعالى:
( ... وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون*) 81-9.
بينما كان الرسول الكريم وأصحابه من الراشدين يتحاشون القتال فيها، لعلمهم بتحريم القتال والصيد البري في تلك الأشهر من الربيع.
كان هذا في حال كون زمام المبادرة بيد المسلمين، أما إن قاتلهم فيها المشركون أو الكافرون كانوا لا يتقاعسون أن يقاتلوهم فيها لعلمهم أن الله تعالى قد أذن لهم بالقتال في تلك الحالة.
( إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم، وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة، واعلموا أن الله مع المتقين *) 36-9.
أي لا تظلموا فيهن أنفسكم بالقتال فيها مع علمكم أنها محرمة.
ولكن قاتلوهم في كافة الأشهر إن قاتلوكم فيها.
لم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام يتحاشى القتال في الأشهر الحرم الأربعة انطلاقا من نفسه الكريمة، بل كان يتبع أوامر الوحي الذي كان يتنزل عليه من السماء تباعا، فالله تعالى هو الذي نهى وحرم القتال في الأشهر الحرم إلا إن كانت دفاعا عن النفس من معتد أثيم كمل قرأنا في الآية الساقبة ذات الرقم 9 - 36.
تلك الآية من سورة التوبة نزلت في أواخر السنة التاسعة من الهجرة بدليل أنه تليت على الناس يوم الحج الأكبر التي تصادف تلك السنة الهجرية.
لذا سنحاول أن نعدد بداية، غزوات الرسول عليه الصلاة والسلام، التي اختار توقيتها كما يشاء بلا تحديد للتوقيت قبل ذلك التاريخ، بينما سنلاحظ أنه سيتحاشى الغزو في الأشهر الحرم المحددة في سورة التوبة، كما رأينا من قبل.
علينا بعدها البرهان على أن تلك الآية كانت الحد الفاصل بين الإختيارين.
مثلا نقرأ في تاريخ الطبري تحت عنوان: ثم كانت السنة الثانية من الهجرة:
فغزا رسول الله، ص - في قول جميع أهل السير- فيها، في ربيع الأول بنفسه غزوة الأبواء... وكان صاحب لوائه في هذه الغزاة حمزة بن عبد المطلب.
* حدثت كما نرى في الأشهر الحرم.
قال الواقدي: ثم غزا رسول الله ص في مائتين من أصحابه، حتى بلغ بواط في شهر ربيع الأول، يعترض لعيرات قريش، وفيها أمية بن خلف ومائة رجل من قريش، وألفان وخمسمائة بعير . ثم رجع ولم يلق كيدا.
ثم كتب تحت عنوان: ذكر وقعة بدر الكبرى: وصفا مطولا دون أن يذكر شيئا عن تاريخه فلجأت لتاريخ بن كثير فقرأت في المجلد الثاني الجزء الثالث ف الصحيفة 268 ما يلي:
( وروى الإمام أحمد عن نصر بن رئاب ... عن ابن عباس أنه قال: ... وكان هزيمة أهل بدر لسبع عشرة مضين من شهر رمضان يوم الجمعة من السنة الثاني للهجرة )ّ أي أن المعركة لم تكن هذه المرة في الأشهر الحرم.
الآن علينا أن نرصد غزوات الرسول بعد نزول تلك الآية في السنة التاسعة للهجرة مع بيان تاريخ كل غزوة منها.
علما أن آخر غزوات الرسول في السنة التاسعة للهجرة كانت غزوة تبوك التي وقعت في رجب.*
اقتباس:
* راجع تاريخ البداية والنهاية لابن كثير المجلد الثالث الجزء الخامس ص3، تحت عنوان: سنة تسع من الهجرة، ذكر غزوة تبوك في رجب منها، هذا ولو كانت محرمة لماغزا فيها الرسول الكريم.

نقرأ في تاريخ ابن كثير تحت عنوان سنة عشر من الهجرة: قال ابن إسحاق: ثم بعث رسول الله خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر أو في جمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران... فكتب له خالد يعلمه أنهم قد أسلموا جميعا.
كما نقرأ بعث رسول الله ص الأمراء إلى اليمن: قال البخاري تحت باب بعث النبي ص أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع وقال لهما: (يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا) بدليل أنها كانت بعثات تبشيرية للإسلام ولم تكن غزوات أصلا.
كما نقرأ في تاريخ الطبري تحت عنوان: ثم دخلت سنة عشر:
قال أبو جعفر: فبعث فيها رسول الله ص خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر وقيل في شهر ربيع الأول وقيل في شهر جمادى الأولى* في قصة مشابهة لقصة ابن كثير.
اقتباس:
* للحاشية: الغريب أن المؤرخبن المسلمين كانوا يهتمون بالتفاصيل الدقيقة دون أن يعيروا تاريخ الوقائع أية أهمية بدليل أن أغلب ما أرخوا به لم يحددوا له تاريخا.

علينا الآن أن نتابع تواريخ الحروب والغزوات بعد الرسول عليه الصلاة والسلام لنرى هل تقيد الراشدون بالآية الكريمة السابقة أم لا:
وقعة اليرموك: الحافظ بن عساكرنقل عن يزيد بن أبي عبيدة والوليد وابن لهيعة واللبث وأبي معشر أنها كانت في سنة خمس عشرة من الهجرة بعد فتح دمش، وقال محمد بن إسحاق: كانت في رجب سنة خمس عشرة. وقال خليفة بن خياط الكلبي: كانت وقعة اليرموك يوم الإثنين لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة.*
اقتباس:
*للحاشية: تاريخ البداية والنهاية، الطبعة الأولى، م4 ج7 ص5، دار الريان للتراث، مصر، القاهرة.

وذكر الوليد عن صفوان عن عبد الرحمن بن جبير أن الروم نزلوا فيما بين ديرأيوب واليرموك ونزل المسلمون من وراء النهر من الجانب الآخر، وأذرعات ( تسمى: درعا اليوم.) خلفهم ليصل إليهم المدد من المدينة( المنورة) ويقال أن خالدا إنما قدم عليهم ( من العراق) بعد مانزل الصحابة تجاه الروم بعد ما صابروهم وحاصروهم شهر ربيع الأول بكماله، فلما انسلخت( الأشهر الحرم) وأمكن القتال فقاتلوهم...فقام خالد في الناس خطيبا، فأمرهم بالإجتماع ونهاهم عن التفرق والإختلاف. فاجتمع الناس وتصافوا مع عدوهم في أول جمادى الآخرة* وقام خالد بن الوليد في الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن هذا يوم من
اقتباس:
*للحاشية: أول يوم من بعد الأشهرالحرم الأربعة التي تعرفنا عليها في أوائل آيات سورة التوبة: ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) 3-5-9.

أيام الله، لاينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا جهادكم وأريدوا الله بعملكم وإن هذا يوم له ما بعده لو رددناهم اليوم إلى خندقهم فلا نزال نردهم، وإن هزمونا لا نفلح بعدها أبدا.
اقتباس:
* للحاشية: تاريخ البداية والنهاية، الطبعة الأولى، م4 ج7 ص7، دار الريان للتراث، مصر، القاهرة.
وهكذا، ليس في كتب السيرة ولا في كتب التاريخ موقعة حصلت بين المسلمين والعرب المشركين أوالروم أو الفرس من بعد آية سورة التوبة تلك إلا وتجنب المسلمون من الراشدين القتال في الأشهر الحرم ألأربعة التي تبدأ في أول شهر محرم وتنتهي في آخر شهر ربيع ثاني إن لم يصادفها شهر التقويم، النسيء الذي يصادفها مرة كل ثماني سنوات حيث يلقب في القرآن عندها بالشهر الحرام ويأت عادة بين شهري ربيع ثاني وجمادى الأولى، سنتعرف عليه بشكل أفضل في الموضوع اللاحق.


18- ماهو الشهر الحرام.

الآن إن عدنا إلى الآية 37 من سورة التوبة:
(إنما النسيء، زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله، فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين*) 37-9.
كانت تلك الآية جوابا لبعض الكافرين من محبي صيد الحيوانات والطيور البرية الذين كانوا في الجاهلية يتدخلون في حدود ما حرم الله منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وذلك بإلغاء تحريم شهر(النسيء) الذي كان العادون يدخلونه على الأشهر الحرم مرة كل ثماني سنوات، ومرتان في كل دورة شمس قمرية ( كل تسعة عشر عام بالتمام والكمال) فبدأوا يحللون الصيد في ذلك الشهر، ولما كان هذا الفعل من الكافرين، يعتبره سبحانه تدخلا سافرا في حدود ما حرم على الناس وحلل، عاد سبحانه ليبين في رسالته الخاتمة مؤكدا وجوب تحريمها، ولكن لا يتوه عن ذلك الشهر بعد ذلك مؤمن بالله تعالى، فيظلم بذلك نفسه، ويظلم مخلوقاته البرية عن جهل أطلق عليه سبحانه إسم:
الشهر الحرام.
كما سمى الرسول الكريم بعد ذلك الشهر الأول من الأشهر الحرم إسم:
شهر محرم، الذي كان إسمه في الجاهلية: صفر أول، كي يعلم المؤمنون بداية الأشهر الحرم فلا يتوه عنها أحد.
هذا وقد ذكر الله تعالى الشهر الحرام في أماكن متعددة من القرآن منها مثلا:
( ياأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب *) 2-5.
أما معنى : "وإذا حللتم فاصطادوا" فقد بينته سابقاً وقلت : تعني بعد إنتهاء الأشهر الحرم.
أما إن تساءل أحدنا قائلا: لكن ما تعليل ما نقرأه في كتب التفسير التي ما زالت تقول أن الشهر الحرام هو شهر الحج.
نقول: لقد أتى على المسلمين عصور ظلم وظلام منع فيها الناس عن التفكير أو الشك بما كتبه العلماء الكبار من أعوان الخلفاء المستبدين في عصور ما بعد الراشدين الذين تتابعوا على حكم المسلمين، وبالتالي كان على طلاب علوم الدين أن يحفظوا ولا يسألوا عن أسرار ما يحفظون، هذا دون أن ننس أن كتب التفسير كلها تقع ضمن قائمة أدوات تبديل القرآن الذي وقع طلبه، كما قلنا، مبكرا في عصر الرسول الأمين. إذ طلبه زعماء المشركين من الرسول مباشرة، بالتالي من حق كل مسلم اليوم أن يشك بكتب التفسير، وبالذين كتبوها، خاصة إن كانت تفسيراتهم تتعارض مع آيات القرآن، وتتناقض معها.
الله تعالى كما نعلم، لم يكلف أحدا من خلقه فوق طاقته، كما لم يطلب من عباده المستحيل، فهوسبحانه العالم وحده، أن شهرا واحدا لن يكفي لزيارة الناس في الأرض إلى بيته الحرام في موسم الحج، خاصة، أن سبحانه وجه كلامه في رسالته الأخيرة القرآن العظيم، لأول مرة للناس كافة، عالما سبحانه أن سكان الأرض سيكون في ازدياد دائم، ولم يوجهها لأفراد قوم الرسول وحدهم، كما كانت سنته السابقة سبحانه في رسالاته الأولى.
كما أنا إن عدنا وبحثنا في آيات القرآن سنجد أن الله تعالى كان قد خصص منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام ما يكفي من الشهور لحج الناس جميعا وليس للمؤمنين به وحدهم، أصبحت بعدها تلك الأشهر من الأشهر المعلومات من قبل أهل الجزيرة العربية الذين كانوا يحجون بالفعل إلى مكة لأداء شعائرالحج، أو للسياحة والتسوق من أسواقها الموسمية منذ تلك الأيام: (الحج أشهر معلومات). 197-2.

19- الدورة الإفتراضية الأولى

ولما كنا قد علمنا من علم الفلك أن الدورات الإقترانية قد ثبتها الله تعالى لتتواتر كل تسعة عشر عاما موسميا مرة، فلنتفق لتسهيل العمليات الحسابية، على أن نسمي الدورة الإقترانية التي ولد فيها المسيح بالدورة الإفتراضية الأولى، التي تعتبر أحد تلك الدورات الفلكية التي لا علاقة لها بتواريخ ميلاد البشر أصلا.
لذا علينا قبل القيام بعملية تقويم الأشهر على فصول السنة الأربعة، أن نتعرف أولا على كيفية استعادة جداول التقويم الهجري للسنوات منذ هجرة رسولنا الكريم إلى المدينة المنورة في ربيع سنة 622 ميلادية.
للحصول على تلك الجداول لا بد لنا من البدأ بالتعرف على أرقام الدورات الإقترانية منذ ميلاد المسيح عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، لكن بما أننا اعتبرنا تاريخ ميلاد المسيح الذي اعتبره الغربيون بداية لتأريخهم، سنعتبرها في هذه الدراسة لتكون بداية للتأريخ المقارن فنسمي الدورة التي ولد فيها المسيح بالدورة الإفتراضية الأولى وهي الدورة التي تبدأ بأربع سنوات قبل الميلاد وتنتهي عام: 19-4= 15 ميلادية.
ولحساب باقي الدورات علينا أن نتبع نفس الأسلوب بأن نطرح العدد: 4 دوما من ناتج ضرب رقم الدورة بالعدد : 19.
حيث تكون الدورة الثانية لا تبدأ بجداء الضرب:
19×2= 38. بل تبدأ بعد طرح العدد: 4 دوما من جداء الضرب:
38-4=34 ميلادية.
كذلك، بما بما أننا نعلم من كتب تاريخ السيرة أن رسولنا عليه الصلاة والسلام قد ولد في عام الفيل الذي يصادف في الدورة: 30 يكون: 30×19= 570.
ونعلم أيضا أن تلك الدورة لا تبدأ سنة 570 ميلادية بل تبدأ في: 570-4= 566 ميلادية.
لكن بما أن الرسول قد ولد في أوائل السنة الخامسة من الدورة 30، في ربيع أول منها، بالتالي يكون عندها قد أضاف العادون شهر النسيء الأول بين شعبان ورمضان في السنة الثالثة منها.

التقويم الهجري
حسب الدورة الإقترانية رقم ( 31 ).
تبدأ الدورة الأقترانية رقم 31 في يوم الإثنين الواقع في 14 شباط من سنة 585 م الموافق ليوم الإثنين الواقع في 1 محرم من السنة العربية وتنتهي يوم الأحد الواقع في 13 شباط من سنة 604م الموافق ليوم الأحد 29 من ذي الحجة من السنة العربية. فيها أربع سنوات كبيسة هي: 588-592-596-600

التقويم الهجري
حسب الدورة الإقترانية رقم ( 32 ).
تبدأ الدورة الأقترانية رقم 32 في يوم الثلاثاء الواقع في 14 شباط من سنة 604 م الموافق ليوم الثلاثاء الواقع في 1 محرم من السنة العربية وتنتهي يوم الخميس الواقع في 13 شباط من سنة 623م الموافق ليوم الخميس 29 من ذي الحجة من السنة الثانية الهجرية. فيها خمس سنوات كبيسة هي: 604-608-612-616-620.

التقويم الهجري
حسب الدورة الإقترانية رقم ( 33 ).
تبدأ الدورة الأقترانية رقم 33 في يوم الجمعة الواقع في 14 شباط من سنة 623 م الموافق ليوم الجمعة الواقع في 1 محرم من السنة الثانية للهجرة وتنتهي يوم الأحد الواقع في 13 شباط من سنة 642م الموافق ليوم الأحد 29 من ذي الحجة من سنة 20 هجرية. فيها خمس سنوات كبيسة هي: 624- 628-632- 636- 640.
20- التقويم الهجري

حسب الدورة الإقترانية الحالية رقم ( 105 ).
تبدأ الدورة الأقترانية الحالية للشمس والقمر في يوم الخميس الواقع في 14 شباط من عام: 1991م، حسب التقويم الغريغوري التي فيها خمس سنوات كبيسة هي: 1992- 1996- 2000- 2004- 2008.
الذي يوافق أيضا يوم الخميس من الشهر القمري الأول (محرم)* من بداية عام
اقتباس:
* للحاشية: ( شهر محرم أول الأشهر القمرية في التقويم الإسلامي ).

1370 هجرية وتنتهي في يوم 13 شباط من عام 2010م، الموافقة ل 29 الذي يصادف
اقتباس:
* للحاشية: هذا الرقم المشير إلى تلك السنة يكون صحيحا فقط إذا أعدنا شهر التقويم: ( النسيء) للتقويم الهجري منذ هجرة الرسول وعادت السنة الهجرية تساوي: (2422‘365) يوما.

آخر يوم من شهر ذي الحجة والذي يوافق عام 1388 هجرية، لنبدأ بعدها الدورة الشمس قمرية الجديدة من التقويم الهجري للدورة: رقم: 106 في اليوم الأول من شهر محرم المصادف ليوم الأحد من عام 1389 هـ، الموافقة تماما ليوم الأحد الواقع في 14 شباط من عام 2010م.*
اقتباس:
* للحاشية: عندما كتبت كتاب: ما هو النسيء، كنت أعتبره محاولة جادة مني لإعادة تعريف المسلمين بتقويمهم القديم الذي كان يحوي شهرا قمريا خاصا لتقويم إنحراف أشهر السنة عن مواسمها الفصلية، حيث كان عرب الجزيرة يضيفونه كشهر كبيس بين الأشهر كل إثنين وثلاثين شهرا قمريا، في سبع اضافات تتكرر كل -19- عاما بدقة أجزاء الثانية، اختاروا له اسم الشهر النسيء على اعتبار أنه يأتي دوما بعد تأخر 32 شهر قمري ليكون هو الشهر 33 منها، وذلك من أجل إزالة الإنحراف الفلكي الحاصل بين موقع الأرض والقمر من الشمس التي تسبح أيضا في فلكها المرسوم ضمن مجرتها بين النجوم الأخرى التي تعتبر شموسا بعيدة في الفضاء الكوني اللامتناهي الذي يحيط بنا.

تلك الدورات تعتبر دورات اقترانية للشمس والقمر تتم دوما ضمن فترة زمنية ثابتة، ثبتها الله سبحانه وتعالى الذي أتقن كل شي خلقه وأحسن فيه صنعا وتقديرا.
هذا العلم بالشهر الكبيس* ( الشهر النسيء ) بلسان قريش، الذي يضاف إلى كل تقاويم العالم القمرية
اقتباس:
* للحاشية: لفهم هذا الموضوع يمكن تبسيطه بالمثال التالي: لنفرض أن ساعة رجل لخلل ما تسبق دقيقة كاملة، كل 60 دقيقة‘ بالتالي، ساعته تسبق ساعة كاملة كل 60 ساعة‘ فعلى مثل هذا الرجل إن أراد الأحتفاظ بساعته أن يعيد تقويم عقارب ساعته إما بتأخيرها دقيقة كل ساعة أو بتأخيرها ساعة كل 60 ساعة وإلا لأختلف تقدير ساعته عن ساعات الآخرين بحيث لا يستطيع بعدها تمييز أوقات الليل عن أوقات النهار، تماما كما حصل معنا في تقويمنا من بعد الراشدين حيث أصبحت أشهر الربيع تدور على كل الفصول كل 32 سنة.

بالتالي يمكن لمن يبحث في تقاويم العالم اكتشاف أن العلم بالتقويم كان علما عالميا قديما ولكن هذا العلم من العلوم الضرورية للإنسان علمها سبحانه للإنسان عن طريق رسله إلى العالمين، ليكون الناس بعدها قادرين على إعمار الأرض بالعلم ، زراعة وصناعة وتجارة وحضارة.
بدءا بالتقويم الصيني ومرورا بالهندي والسندي والفرعوني والحثي والبابلي والآشوري والآرامي والسومري والإيراني واليوناني والروماني والعربي والعبري وصولا إلى تقاويم الهنود الحمر في الأمريكتين، لذا فهو علم يعتبر من العلوم الربانية التي علمها سبحانه العليم العلام للعالمين عن طريق أنبيائه ورسله منذ آدم إلى محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
لذا فمن بدهيات عصرنا الحالي ، أن الإنسان الذي يعيش ضمن قوم ليس بين أيديهم تقويم سنوي صحيح يتماشى مع دورة الشمس والأرض والقمر، لن يستطيع تمييز فصول السنة الأربعة التي تعتبر من العلوم الضرورية في الحياة الدنيا على الأرض.
من المعروف أن العرب قبل الإسلام كانوا يحجون في شهر ذي الحجة منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فلماذا جعلها سبحانه أشهرا معلومات في رسالته الأخيرة؟
كل من يلم بما في رسالة القرآن التي أنزلت وحيا من الله تعالى بالحرف والكلمة والآية والسورة على النبي الرسول محمد عليه الصلاة والسلام لتكون الرسالة الخاتمة التي وجهت لأول مرة للناس كافة في الأرض، يعلم أن شهرا واحدا لن يكفي لكل الراغبين بالحج إلى بيت الله من المسلمين وغير المسلمين من سكان الأرض، لذا جعلها سبحانه الرحمن الرحيم أشهرا معلومات لتكون موسما لحج الراغبين بالحج من الناس إلى بيته العتيق بلا تحديد لعقيدتهم، بدليل كل آيات الحج التي تدعو الناس كافة في الأرض، لأنهم جميعا من خلقه سبحانه ومن عباده، دون أن تكون موجهة للمسلمين وحدهم:
(... ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا...*) 97-3.
أما الآيات التي وردت في سورة التوبة المحكمة لزمن الرسول وحده والتي تأمر بمنع المشركين من الدخول إلى الحرم المكي فكانت فقط لإجبار مشركي العرب في تلك الفترة ولو بالقوة بالقبول بالرسالة الجديدة إن أرادوا الدخول إلى الحرم.
كما أننا إذا فكرنا في كلمات الآية التالية:
( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب. ما خلق الله ذلك إلا بالحق. يفصل الآيات لقوم يعلمون * ) 5-10.
نلاحظ، من دقة الله تعالى في التعبير العلمي، كيف نسب سبحانه أبراج النجوم في السماء للقمر دون أن ينسبها للشمس لكون القمر وحده القادر بإذن الله تعالى على الظهور للعين البشرية ليلا وهو ينتقل بين أبراج النجوم مبدلا موقعه كل شهر إلى برج جديد عبر عنه سبحانه وتعالى بقوله الكريم: (والقمر نورا وقدره منازل)، ثم بين سبحانه بعدها الغايةالمطلوبة من ذلك العلم بقوله الكريم:( لتعلموا عدد السنين والحساب).
إن معرفة منازل القمر بين النجوم وأبراجها المختلفة في السماء من الأمور الضرورية للعاملين مجال التقاويم السنوية بالإستناد إلى الأشهر القمرية، ويجب أن يكون معهم فريق مساعد من الفلكيين الملمين بحركة الأجرام السماوية الثلاثة: الشمس والأرض والقمر بين أبراج السماء، ليكون ما يقدموه للناس من تقاويم شمس قمرية صحيحة، وتنطبق دوما على المواسم الفصلية للسنة ليستفيد منها كل الناس سواء كانوا من العاملين في شؤون الزراعة وتربية الحيوان، أو في شؤون الصناعة والتجارة كما يحتاجها الناس عامة في شؤون دينهم من معرفة تبدلات أوقات الصلاة بحسب فصول السنة ومعرفة شهر الصيام الموجود في الأديان السماوية الثلاثة.
كذلك فإن قبيلة قريش العدنانية التي سكنت في واد غير ذي زرع كانت قبيلة تجارية لا تزرع لكن كان يهمها معرفة المواقيت الصحيحة لجاهزية التسويق بالنسبة للمنتوجات الزراعية والحيوانية بشكل عام.
وهي قبيلة اشتهرت برحلتيها الموسميتين في عالم ذلك الزمان:
(لإيلاف قريش* إيلافهم رحلة الشتاْء والصيف *)1-2-106.
لقد كانت وما زالت أفضل الأوقات مناخيا كي تفتح فيها مكة أسواقها الموسمية هو فصل الشتاء اللطيف بالنسبة لمناخها الصحراوي، لذا اختار الله تعالى لها أشهر الشتاء لتكون موسما للحج إليها. علما أن ذلك كان استجابة منه سبحانه لدعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام قائلا:
( ربنا إني قد أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون*) 37-14.
فاستجاب سبحانه لدعاء نبيه ورسوله الكريم استجابة دائمة إلى يوم الدين، جاعلا سبحانه الحج والسياحة إلى مكة رزقا دائما لتلك المدينة وسكانها إلى يوم يبعثون.
لكن المسلمين بعد أن أنسوا تقويمهم القديم من قبل شياطين الإنس، أصبحت أشهر الحج مع شهر الصيام عندهم تصادف كل الفصول ومنها فصل الصيف حيث يعانون فيها عذابا شديدا لم يفرضه سبحانه وتعالى عليهم بدليل إعلانه للناس أنه ميسر وليس بمعسر، بالتالي فقد كان هذا ظلما من أنفسهم بدليل قوله سبحانه:
( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون*) 117-3.
لذا، فإن معرفتنا أن أغلب شعوب الأرض اليوم تعلم بالشهر النسيء وتعمل به بدليل ما كان معهم من تقاويم صحيحة موسميا رغم أنهم يطبقون الأشهر القمرية في تقاويمهم المختلفة مناخيا إن كانوا يعيشون في نصف الكرة الجنوبية إذ تنعكس الفصول* عند الذين يعيشون في النصف الآخر
اقتباس:
للحاشية * لذا فقد زرع سبحانه في الطيور المهاجرة تلك الحاسة الخاصة التي نسميها اليوم بالغريزة، لتعلم بها متى تهاجر من مناطقها في نصفي الكرة الأرضية عند تبدل الفصول.

الشمالي، مستخدمين بالطبع الشهر النسيء الذي وظيفته تقويم الأشهر وإعادتها إلى أماكنها الفصلية، والذي بدونه تختفي عملية التقويم وتصبح السنوات ناقصة لم تكتمل مواسمها بعد كي نسميها كما كان الأقدمون منا يسمونها حولا لعلمهم أنها دورة كاملة للفصول الأربعة في الأرض، ولها علاقة مباشرة بدورة فلكية أخرى تتم كل تسعة عشر عاما مرة، كان الفلكيون القدماء يعرفونها ويدأبون على حسن تطبيقها، كما أن أغلب أمم الأرض المتحضرة كانت وما تزال تعرفها وتطبقها إلى يومنا هذا.
حبذا لو أن الإعلام العربي الإسلامي قاد حملة إعلامية موجهة من المثقفين منهم لتشجيع الدول الإسلامية بتعديل التقويم الهجري وإعادته كما كان في العصر الراشدي لتعد سنوات كاملة عدد أيامها يتطابق مع عدد كلمة يوم التي وردت في القرآن العظيم : 365 مرة وليست كما نفعل: 354 يوما، ولتكون سنتنا اليوم سنة: 1386هـ الموافقة لسنة: 2007 م. بدلا من 1428هـ.
ليكلف بعدها الأكفاء من شباب المسلمين المتعلمين ليقوموا بمهمة العادين فيبدأون بإضافة شهر التقويم( النسيء) من جديد كل اثنتين وثلاثين شهرا قمريا مرة في سبع إضافات متتالية تتم دوما بإذن الله تعالى ضمن كل دورة إقترانية للشمس والقمر التي مدتها تسعة عشر عاما بدقة شديدة لا تتجاوز أعشار الثانية.
هذا علما أن عملية عد الأشهر ليست عملية حسابية صعبة لكنها يجب أن تكون دقيقة لا خطأ فيها، على القائم بها أن يقدر سلفا أن أية أخطاء حسابية فيها ستسبب خطأ في مواقع الأشهر الفصلية ضمن مواسمها المختلفة.
لقد وضعت كل الأسس لوضع تقاويم صحيحة للتقويم العربي الهجري وبينتها في بحث علمي متكامل إسمه: ماهو النسيء طبع في دمشق عام : 1999 من قبل دار الأهالي للنشر.
والله سبحانه العالم لكل شيء يعلم بالطبع أن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تتم بلا علم فقال سبحانه أن خطابه التفصيلى موجه للذين يعلمون، ولم يوجهها أبدا للذين يجهلون حيث أشار إليها بقوله الكريم:
( يفصل الآيات لقوم يعلمون ) 5-10.
عندما علم سبحانه الإنسان ما كان لا يعلمه من العلوم، لم يستثني الله تعالى وقتها العرب من علمه، بل علمهم كما علم باقي الأمم في رسالاته التي لم تنقطع عن الأرض، وهذا ما قصده الرحمن بقوله الكريم:
( الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم *) 4-5-96.
حيث علم سبحانه بني الإنس في الأرض كثيرا مما كانوا لا يعلمون عن طريق رسله السابقين.
الدليل على أن هذا العلم كان من الله تعالى هو إنتشاره شبه المطلق بين شعوب الأرض كلها إلا التقويم الغربي الملقب بالغريغوري، حيث بينت في وقته أسباب اختلافه بعد أن كان إعتمادهم في السابق على الأشهر القمرية التي كان يصعب عليهم رؤية هلالها في الأشهر الغائمة غالبا في أوربا، فكلفوا الرياضيون (علماء الحساب) بتقسيم الإنحراف السنوي كما شرحت ذلك سابقاً.
كلن ذلك ما جرى في تاريخ التقويم الغربي، الذي مايزال يحتاج إلى تعديلات مستقبلية، ولكن الغربيون معذورون في كل ما فعلوه، فالقمر الذي هو الأساس في التقويم القمري لا يمكن مشاهدته ، كما قلنا قبل قليل، بسبب طقس أوربا المتميزة بكثرة غيومها في أغلب أشهر السنة.
نتيجة لما تقدم فقد كان الغربيون مضطرين للبحث عن تقويم بديل وصحيح ينطبق على المواسم الفصلية يعتمد على الحساب دون الإعتماد على رؤية القمر، مع هذا فقد كان تقويمهم يقترب من الحقيقة مع مرور الزمن كما رأينا أكثر فأكثر.
لكن ما عذرنا نحن المسلمين، مع أنه كان معنا تقويم كامل من الله تعالى ومن علمه الذي علمه سبحانه للإنسان والذي كان مستخدما في الأرض منذ أيام نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحق وموسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين.
نعم قد يكون الذي فعل هذا شيطانا من شياطين الإنس ثم نسبها للخليفة العادل عمر بن الخطاب بدليل أن كل تواريخ الأحداث الهامة التي تمت في حياته وأثناء حكمه التي كتبت حسب التاريخ الهجري في كتب السيرة مثل معركة اليرموك أوالقادسية ما زات تتطابق تماما باليوم والفصل والسنة مع التقويم الغربي المقوم.
لكن يعود ليفاجأ الدارس حين يجد أغلب تواريخ الأحداث التي تلت معركة صفين الفاصلة بين أهل الرشد وأهل الطغيان، انها لم تعد تتطابق لا باليوم ولا بالأشهر مع التقويم الصحيح, لذا ومع مرور الزمن أصبحت لا تتطابق حتى بالسنين مع التاريخ الغربي، مثلا السنة الهجرية الأولى صادفت سنة: 622 ميلادية، وسنة 2007 ميلادية يجب أن يقابلها سنة 1386 هجرية بينما نكتشف أن سنتنا الهجرية قد سبقت السنة الميلادية ب: 42 عاما فأصبحت 1428 هجرية ربما كان هذا هو السبق الوحيد الذي حققناه على الغرب العلماني إلى اليوم.
والأغرب من ذلك أننا اعتبرنا عبارة علماني المشتقة من العلم مرادفة لعبارة: كافر!!!
أقول لجميع المسلمين من إخواني: ماعذرنا بعد كل هذا في استمرارنا على تحريم شهر التقويم (النسيء) واستمرارنا في إلغائه من تقويمنا حتى أصبحت سنتنا العربية تسبق مواسمها في كل عام : 11.25 يوما، لمجرد ما نقرأه في كتب الروايات منسوبا إلى أحد الرواة وهو يشهد على ذمة من روى عنه بعد أن مات بأنه قد سمع الرسول الكريم وهو يحرم الشهر النسيء، علما أن منهج ديننا يمنع لإثبات فعل الزنى الذي يحدث كل يوم بأقل من أربعة شهود، هذا بالإضافة إلى أن أغلب الذين يعلمون يدركون أن التقويم الهجري لو استمر على استخدام شهر التقويم القمري في زمانه المحدد لتابع المسلمون استخدامه في حياتهم إلى اليوم، لكن الجميع بعد أن أدركوا عدم صلاحيته لشؤون دنياهم بدليل توقف تطابق أشهره مع مواسمها الفصلية، هجروه في حياتهم العملية إلى التقويم الغربي، بينما بقي رجال الدين وحدهم عليه في الأمور الدينية رغم ضررها على الأمة في موضوعي الصيام في رمضان والحج في ذي الحجة عند تصادفها في موسم القيظ من أشهر الصيف.
أنا لم أكتب ما سبق كي أحاسب الذين ماتوا وأصبح حسابهم على الله تعالى وحده لا شريك له من آبائنا الأولين، بل كتبته من أجل تصحيح أخطاء الآباء، إذ بجهدي المتواضع إستطعت أن أعيد حسابيا التاريخ الهجري من يوم هجرة الرسول الكريم إلى هذا اليوم متطابقا مع تواريخ العالم كله ومنها الغربي في كتاب النسيء.
بحسب ما في ذلك التقويم الجديد نحن اليوم في يوم الخميس الموافق للثامن والعشرين من شهر تشرين ثاني من عام 2007م، الموافق ليوم الخميس 14 جماد أول من عام 1386هجرية.
المسلمون ما زالوا متفقون على أن هجرة الرسول قد بدأت بعد نهاية عام 621 ميلادية بالتالي إذا أضفنا إلى ذلك العدد السنة الهجرية الحالية: 1428، نكون في عام: 2049.
الآن إذا قارنا العددين الناتجين: 2007، و 2049، يكون الفرق بينهما 42 عاما قفز فيها التاريخ الهجري للأمام لكون سنواته أقصر من السنة الحقيقية ب: 11 يوم وربع، علما أن المسلمين إذا تابعوا على تقويمهم هذا الذي لاتقويم له مع مرور الزمن، ستصبح هجرة الرسول قبل ميلاد المسيح في الألفية الحادية والعشرين وإذا تابعنا ذلك مع الزمن أيضا ستصبح هجرة الرسول قبل خلق آدم على الأرض، فتخيلوا !!!
ما عذرنا أن لا نتفكر فيما بين أيدينا من آيات الله البينات التي نقرأ فيها شهادة الله التي في القرآن والتي كتبت في عصر الرسول كما نعلم من دون تشكيل في سورة التوبة حيث تقول:
( إنما النسيء، زيادة في الكفر، يضل به الذين كفروا......*) 37-9.
فهل التشكيل الخاطئ لتلك الكلمة التي أخطأ في تشكيلها الحجاج بن يوسف الثقفي سهوا كان أم عمدا في عصر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، هو فعل معصوم من الخطإ، لا يقبل الشك ولا يقبل أيضا إعادة النظر في صحته؟
وهل الذين كفروا ومنهم إبليس اللعين الذي تكفل جهارا على بذل أقصى ما في وسعه في عملية إضلال المؤمنين، هو ومن كان معه من شياطين الجن ومؤازريه من شياطين الإنس الذين كانوا الأقرب إلى الناس والأقدر على الإضلال بعد أن تكفلوا في إضلال من هداهم الله إلى الحق، بالتالي علينا أن ندرك اليوم أن تلك الفئة الإنسية الحاقدة كانوا وراء عملية الإضلال بكل أشكالها وفي كل مراحلها وليس آل أبي سفيان ببعيدين عن مثل ذلك الحقد.
إن التشكيل الحالي والخاطئ لتلك الكلمة التي بنيت على المجهول توحي أن فاعل الضلالة مجهول.
لكن الأغرب من ذلك أن الذين سقطوا في الضلالة بحسب ذلك التشكيل هم الذين كفروا، وكأن المؤمنين قد نسوا ما قرأوه في القرآن من قبل على أن الكافرين وعلى رأسهم إبليس هم الذين تعهدوا على إضلال المؤمنين، أم نسينا قول إبليس لربه الكريم:
( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين* إلا عبادك منهم المخلصين*) 82-83-38.
علينا أن ندرك دون أدنى شك أن الذين كفروا من الإنس أو من الجن وعلى رأسهم إبليس كانوا وحدهم الساعين في إضلال المؤمنين، ولم يكونوا أبدا ضحايا لآخرين سعوا إلى إضلالهم كما توحي قراءة تلك الكلمة بتشكيلها الحالي المبني للمجهول.
علما أننا إن قرأناها بكسر الضاض* نكون قد صححنا المفهوم وجعلنا الذين كفروا هم وحدهم
اقتباس:
* للحاشية: كلمة يضل وردت في القرآن 17 مرة بكسر الضاض، كما وردت من مشتقاتها مثل ضل، ضللت، ضللنا، ضلوا، ثم أضل بكسر الضاض، كذلك تضل، وتضلوا، يضل، يضلون، ثم أضل ، أضلانا، أضللتم وهكذا في أشكال مختلفة تبلغ عدد تصريفتها: 47 حالة في 288آية ليس فيها حالة مبنية للمجهول إلا الحالة الفريدة التي تتعلق بالشهر النسيء ومن لا يصدق أمامه القرآن فليتأكد بنفسه.

فاعلي الضلالة في كل الأديان السماوية كما هو مشهور في القرآن، ويعلمه الذين يعلمون الحق منهم، هم دائماً شياطين الإنس ومعهم شياطين الجن هؤلاء هم وحدهم الساعين خلف عملية إضلال المؤمنين حسدا من عند أنفسهم، تماما كما حسد إبليس آدم عندما رفض أمر ربه بالسجود له وهو يقول:
( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين*) 12-7، 76-38.
وهكذا نكون قد علمنا علم اليقين أن فاعل فعل (يضل) هم الذين كفروا أما إن بقينا نقرأها كما قرأها آباؤنا الأولون، مبنية للمجهول، بعد أن أضلهم سامري جديد لا يعلمه إلا الله تعالى، عندها على العقلاء منا أن يتساءلوا: من الذي أضل إبليس عندما كفر؟
أليس هو الذي استكبر ثم اختار الكفر على الإيمان؟
أليس من المؤسف حقا علينا كمسلمين، أن تكون تبديل تشكيل كلمة واحدة في آيات القرآن كافية لإضلال أمة كاملة عن معرفة فصول السنة الموسمية لأكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان؟
أليس من المؤسف أن تكون هذه حالنا بينما نجد النباتات والحيوانات وحتى الحشرات تميز الفصول بغريزتها، بينما نقف نحن المسلمين مكتوفي الأيدي عاجزين عن معرفة تلك الحقيقة إلى اليوم؟.
حتى الجاهليون من قبلنا كانوا يعلمون منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام بوجوب تحريم الأشهر الحرم الأربعة التي كانت وما زالت تبدأ مع رأس السنة بشهر محرم الذي كان إسمه في الجاهلية صفر أول فسماها الرسول محرم ليعلم الذين آمنوا برسالته أن الأشهر الحرم تبدأ بها.
أليس من المؤسف أن يكون العلم والمنطق والقرآن بكل ما فيه من حقائق علمية في واد، والمسلمون في واد آخر لا يمت للوادي الأول بأي صلة؟
أليس من المؤسف أن تكون أغلب مصادر المسلمين الدينية اليوم، ما تزال تؤكد أن الأشهر الحرم هي: محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة من كل عام.
بينما القرآن يؤكد أنها موصولة وتأتي مباشرة بعد شهر ذي الحجة كما يؤكد القرآن الذي: ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) 42-41.
مع كل ذلك الأسف ما زلت أكتب للذين ما زالوا يعقلون ويفكرون من شباب المسلمين لأنبههم إلى أخطاء آبائنا الأولين الذين آمنوا وصدقوا بالمصادر التي كتبت في عصور خلفاء المسلمين الذين هجروا سبيل الرشد عمداً وحقداً وحسداً عامدين تهجير المسلمين من حقول العلم والمعرفة التي تتبع العقل. لابل وأبعدهم من التفكير في آيات القرآن، مباشرة، من بعد الراشدين الأربعة المعروفين من قبل كل المسلمين.
كما أكتب من أجل أن تعلم أجيالنا القادمة أن آيات سورة التوبة المحكمات ما زالت تبرهن وتثبت لكل قارئ نبيه أن الأشهر الحرم الأربعة هي نفس الأشهر التي حرم فيها سبحانه القتال وصيد البر، لذلك فقد جعلها سبحانه فترة هدنة للمشركين، أمهلهم فيها ربهم الكريم ليعيدوا حساباتهم قبل أن يبدأهم المؤمنون بالقتال، وكما نعلم من تاريخ السيرة، أن الرسول الكريم هو الذي ارسل تلك الآيات مع علي بن أبي طالب من المدينة المنورة إلى أمير الحج الذي كان في ذلك الموسم هو: أبو بكر الصديق رضي الله عنهما، فتلاها على الناس في يوم الحج الأكبر*
اقتباس:
* للحاشية: يصادف بداية شهرالنسيء الذي يدعى بالحج الأكبر هذا العام في 19 كانون ثاني من عان 2007 م.

الذي يصادف في شهر النسيء الذي يصادف فعلا بالحساب في ذلك العام، ويأتي عادة، كما قلنا، بعد شهر ذي الحجة ليأتي بعدها شهر محرم أول الأشهر الحرم من السنة الجديدة: ليكون أول أشهر الهدنة الأربعة التي منحها سبحانه للمشركين كفترة مراجعة لأنفسهم قبل أن يبدأهم المؤمنون بالقتال من جديد، أما إن عدنا وأعتبرنا عن جهل كما نقرأها في الكتب الصفراء اليوم على أن الأشهر الحرم تبدأ في شهر رجب وتنتهي في آخر شهر محرم من العام التالي عندها تكون الهدنة التي أعلنها سبحانه للمشركين لا معنى لها أصلا:
( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين* فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله، وأن الله مخزي الكافرين* وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله، وبشر الذين كفروا بعذاب أليم* إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا، فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم. إن الله يحب المتقين* فإذا إنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم*) 1-5-9.
الآن إن عدنا لآية النسيء السابقة على فرض ان الذي شكلها قد أخطأ فيها بدليل أن الشهر النسيء لم يتم تحريمه في الإسلام إلا متأخرا، وكما لم يلغى الشهر النسيء بشكل رسمي في كتب المؤرخين إلا كما برهنت في هذا الكتاب على أنه قد تم في الثامن عشر من شهر شوال سنة تسع وثلاثين من الهجرة الموافقة لليوم الخامس من شهر تشرين ثاني سنة: 660 ميلادية.
وإن رجعنا لتاريخ السيرة نجد أن هذا التاريخ يتوافق مع تاريخ معركة صفين الفاصلة بين عهدي الرشد والضلال من تاريخ الدين الإسلامي وقبل إعلان معاوية نفسه خليفة للمسلمين في عاصمته التي اختارها لتكون في مدينة دمشق عاصمة بلاد الشام القديمة.
لكن إلغاء شهر التقويم من التقويم العربي الذي تم بشكل رسمي كان بعد إنتقال مركز الخلافة من المدينة إلى دمشق أولا ثم إلى بغداد ثانيا كانت من أكبر عمليات الإضلال للمسلمين .*
اقتباس:
* للحاشية: انظر إلى الملحق رقم إثنين بعد نهاية مواضيع الكتاب لتجد فيها أولا: جدول الأشهر في للدورة الإقترانية رقم 105، يتبعها جداول كاملة لأيام وأشهر التقويمين الغربي والهجري بعد إعادة تقويمه لنفس الدورة الإقترانية.

تاريخ الإلغاء السابق الذي استنتجته في الموضوع رقم: 11 من هذا الكتاب الذي كان بعنوان: استقراء تاريخ إلغاء الشهر النسيء من التقويم العربي.
لو فرضنا أن الفاروق عمر بن الخطاب هو الذي ألغى شهر التقويم لاشتهر في التاريخ الإسلامي على أنه هو الذي قام بإلغاء شهر التقويم من التقويم، لكن هذا لم يحصل بل كانت نتيجة استنتاجات كتبت بعد ذلك في العصر الأموي.
تماما كما اشتهر القيصر الروماني جوليان الذي عرض عليه عالم فلكي إسمه: (Sosigenes) من مدينة الإسكندرية التي كانت تابعة لروما، القيام بتعديل السنة الغربية التي كانت قد انحرفت عن مواسمها الفصلية بمقدار 67 يوما فقام بعد موافقة القيصر بإضافة 67 يوما كبيسا دفعة واحدة للتقويم بين شهري تشرين ثاني وكانون أول معيدا تطابق الأشهر مع مواسم فصولها من جديد.*وكي لا يعود التقويم الوقوع فيما سبق جعل طول السنة تساوي
اقتباس:
*للحاشية: عن الموسوعة البريطانية المجلد الرابع تحت كلمة : تقويم، نقرأ في الصحيفة رقم 615 ما ترجمته: يعتبر التقويم الجولياني، المنسوب للقيصر الروماني جوليان، قاعدة للتقويم المدني الغربي على صورته المطورة الآن في العالم، وقد بدأ العمل بذلك التقويم في عام 46 قبل الميلاد وذلك عندما لاحظ فلكي من الاسكندرية اسمه (Sosigenes) أن أشهر السنة قد خرجت أشهره عن فصولها بحوالي ثلاثة أشهر فتداخلت الفصول السنوية وأصبحت أشهر الشتاء تأتي في الخريف، وأشهر الخريف تأتي في فصل الصيف، فاقترح تعديلن: تعديل فوري لنفس السنة بإضافة 67 يوما كبيسا دفعة واحدة للتقويم مع إضافة يوم إلى شهر شباط كل أربع سنوات، القيصر جوليان باعتباره حاكما مطلقا ودكتاتورا اقتنع بفكرة الفلكي (Sosigenes) من الإسكندرية وأمره بالقيام بتعديله سنة 46 قبل الميلاد فقام بإضافة 67 يوما كبيسا دفعة واحدة للتقويم بين شهري تشرين ثاني وكانون أول معيدا تطابق الأشهر مع مواسم فصولها من جديد، جاعلا طول تلك السنة: 432 يوما. وكي لا يعود التقويم الوقوع فيما سبق جعل طول السنة تساوي 25‘365 يوما بدلا من 365 يوما السابقة، وذلك بإضافة يوم إلى شهر شباط كل أربع سنوات، فقط للسنوات التي تقبل القسمة على أربعة. سمي هذا التقويم: بالتقويم الجولياني. كما عادت الأشهر تأتي في مواسمها الفصلية.

25‘365 يوما بدلا من 365 يوما السابقة، وذلك بإضافة يوم إلى شهر شباط كل أربع سنوات، كما هو متبع في التقويم الميلادي اليوم.

21- ماهي الحكمة من جعل شهر " رمضان "

يصادف عادة بين شهري أيلول وتشرين أول؟


علي الاعتراف سلفا أن أديان الأرض الحالية كانت في الأصل لله تعالى الذي لم يبشر أبدا بأديان متعددة، بل بشر دائما بدين واحد في كل رسالاته السابقة كما كانت أيضاً لدين السلم والسلام الأخير الذي أتى داعيا المؤمنين في كل الأديان الدخول فيه:
(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) 208-2.
لكن، مع الأسف، نجد أن أغلب الناس في الأرض من المسلمين يتركون دين الله الذي تلي عليهم في القرآن ليدخلوا إلى دين ملوكهم الذي يتوارثونه، أبا عن جد، وإذا حدثهم أحد عن دين الله الذي في القرآن، قالوا:
(ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين*) 24 - 23.
والله تعالى يعلم أن أغلب الآبائيين هم الذين ضلوا عن سبيل الله:
(إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) 23 -43.
وهذا طبيعي لأنهم آمنوا بما يردده علماء دين السلطان المتسلط الظالم بعد أن أخفوا دين الله الرحيم عنهم بدهاء وقالوا معممين: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
هذا تعميم خطير: فإذا كان كل جديد ضلالا وكل الضلالات في النار فتلك مصيبة المصائب لأن كل الإختراعات والإكتشافات التي حولنا بدع ومبتكرات من السيارة الى الطيارة والصاروخ والتلفون والتلفزيون والإنترنت وعذرنا أن الذين أبدعوها هم الكفار بعد أن توقفنا عن التفكير والابداع منذ زمن سحيق.
علماء دين السلطان يعتبرون أن علم الحساب وعلم الفلك وعلم الفيزياء وعلم الكيمياء وعلم الأحياء وعلم الفضاء وعلوم الطبيعة الأخرى كلها تحت قائمة:
العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر.
إلى أن أصبحت تلك العلوم من علوم أهل الكفر التي استغنى عنها أغلب المسلمين.
من حقنا أن نسأل علماء دين السلاطين والملوك والجمهوريات الوراثية:
هل أتى الإسلام ليكون منهجا دينيا فقط لتدجين الناس وتحويلهم إلى قطعان يسوقهم رعاتهم كيفما شاءوا تحت شعار نسبوه للرسول الأمين الذي بلغ الحق عن ربه، وقالوا عن لسانه ظلما وافتراءا: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" .
هل يعقل بعد أن كرم الله الإنسان في صورة آدم الذي أسجد له ملائكته، أن يغير رأيه ويجعل من بني آدم قطعانا تحت تصرف الحكام باسم الرعاة مع كهانهم؟
( ولقد كرمنا بني آدم ) 70-17.
أم أتى الإسلام ليكون منهجا لحياة المؤمنين في الحياة الدنيا للتعامل به بين الناس على وصايا الرحمن بالابتعاد عن القتل والكذب والنفاق والغش والسرقة والفاحشة وأكل مال اليتيم والتفرق في دينه إلى طوائف وشيع وأحزاب ومذاهب وطرق والحكم بين الناس بما لم ينزل الله في القرآن الذي لم يترك صغيرة أوكبيرة تهم المسلمين إلا وذكرها فيه بدليل قوله تعالى:
( ما فرطنا في الكتاب من من شيء ثم إلى ربهم يحشرون*) 38-6.
تصوروا مثلا موضوع التفسح في المجالس سواء كانت في المساجد أو في البيوت لم يتركها رب العالمين بل أنزل فيها آية بينة:
( يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم...*)11-58.
أم نظن أن القرآن قد أنزل من السماء فقط لتحديد علاقة الإنسان بخالقه مبينا له ما هي العبادات المطلوبة؟
الله تعالى هو الذي قرر أهمية العلم والعلوم للإنسان، إذ جعل العلم وسيلة التفريق بين عباده المؤمنين عندما قال:
( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) 9-39.
علماء دين السلطان يدعون أن العلم الذي يقصده الله هو للعلوم الدينية فقط.
إذا احتكمنا للقرآن، لوجدنا الله تعالى يفرق بين العارفين بالمواضيع الدينية، فيسميهم: الفقهاء.
( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) 122-9.
بينما يشير سبحانه للعالمين بالمواضيع العلمية بكلمة العالمون كما يسميهم أيضا: العلماء.
( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون*) 43-29.
بدليل أن موضوع المثل كان قياس لقوة شد خيط العنكبوت الذي يبني به العنكبوت بيته:
( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون*) 41-29.
وفي الآية الوسطى بين الآيتين يبين لنا سبحانه أن كل من ندعوهم اليوم كمسلمين من ملائكة أو أنبياء ورسل أم كانوا من الصالحين دعاؤهم كله وهم في وهم لا حقيقة له إن لم يكن لله تعالى وحده لا شريك له، فالدعاء لا يكون إلا لحي قيوم سميع وعليم، وكل ما يدعون ميتون:
( إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم*) 42-11.
ولما كان الحساب والفلك مثلا ليستا من فقه الدين، لذلك فقد قال عنه سبحانه كما قرأنا سابقا في الآية التي تقول:
(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب....*) 5-10.
ولم يقل سبحانه كما لاحظنا: لتتفقهوا عدد السنين والحساب.
والله تعالى عندما يذكر العلماء، أو الذين أوتوا العلم يقصد بهم علماء العلوم المختلفة في الطبيعة المحيطة بالإنسان، أوبالعلوم المجردة، أما إذا فهمناها بأنهم علماء دين، فكيف يمكننا عندها أن نفهم الآية التالية التي تقرر أن علماء العلوم المختلفة من فيزياء وكيمياء وفلك ورياضيات وطب وتشريح وهندسة وقانون وإلى آخر تلك العلوم، عندما يقرأون القرآن يعلمون أنه الحق من ربهم فتخبت له قلوبهم ويؤمنون بما أتى فيه أنه الحق من رب محمد فيعلنون أنه ربهم أيضا، وإن كانوا من قبل من الكافرين به:
( وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم ) 54-22.
ألا تلاحظون أن إيتاء العلم قد سبق الإيمان الذي أتى لاحقا من بعد العلم في تلك الآية؟
ألا تلاحظون أننا إن فهمنا أن الذين أوتوا العلم، هم علماء الدين صار فهمنا هذا مناقضا للآية السابقة، فهل بإمكاننا تصور وجود علماء لدين الله لم يؤمنوا بالحق ولم تخبت له قلوبهم بعد؟
والعلماء الحقيقيون المتخصصون في علوم الدنيا هم الذين يرون ويتلمسون المعجزات العلمية في الكون لذا أشارإليهم سبحانه قائلا:
( إنما يخشى الله من عباده العلماء...*) 28-35.
فمعرفة علوم الحساب والفلك والطبيعة والحياة والنفس كلها ضرورية للإنسان من أجل إعمار الأرض وبناء جنة الإنسان الأولى في الأرض على مبادئ السلم والعدل والإحسان، من أجل استحقاق جنة الله التي في السماء أجرا من الله تعالى على ما عمل الإنسان وبنى بها جنته في الدنيا على مبادئ الرحمن، قبل جنة الآخرة، التي سينالها إن كان ملتزما بوصايا الله العشرة التي عددها الله تعالى في سورة الأنعام في الآيات: 151-152-153.
أم أننا نحسب أن في السماء تنتظرنا جنتان؟
واحدة للصيف، وواحدة للشتاء ؟
( ولمن خاف مقام ربه جنتان *) 46-55.
مصدر العلوم بحسب القرآن: دائما تكون من علم الله:
(علم الإنسان مالم يعلم) 5-96.
( الرحمن علم القرآن* خلق الإنسان* علمه البيان* الشمس والقمر بحسبان*) 1-5-19.
أي أن حركتي الشمس والقمر وتغير مواضعهما في أبراج السماء تحتاج إلى دراية ومعرفة وعلم بالحسابات الفلكية، كما أن الإلمام بعلم الحساب ضروري أيضا من أجل معرفة مدى الإنحراف السنوي للأشهر القمرية عن دورة الأرض حول الشمس مرة كل سنة موسمية، من أجل القدرة على متابعة الدورة الإقترانية للشمس والقمر التي تكتمل كل تسعة عشر عاما مرة.
هاتان الدورتان كان يؤخذ بهما في كل الجزيرة العربية، منذ أيام إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأخذ به الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، كما أخذ به كل الخلفاء الراشدين.
لكن ما نقرأه اليوم في كتب المؤرخين الإسلاميين، مثل إبن كثير الدمشقي، في كتابه البداية والنهاية،* نقرأ في الصفحة رقم: 205 من المجلد الثاني، الجزء الثالث، ما يلي:
اقتباس:
* للحاشية: نشر دار الريان للتراث، الطبعة اللأولى: 1988، القاهرة.

عن محمد بن سيرين قال: قام رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: أرخوا، فقال: ما أرخوا؟
فقال: شيء تفعله الأعاجم، يكتبون من شهر كذا، من سنة كذا!
فقال عمر: حسن، إذا فأرخوا.
فقالوا: من أي السنين نبدأ؟
فقالوا: من مبعثه، وقالوا: من وفاته، ثم أجمعوا بالبدئ من الهجرة، ثم قالوا: وبأي الشهور نبدأ؟
قالوا: رمضان، ثم قالوا: محرم، فهو مصرف الناس عن حجهم وهو شهر حرام، فأجمعوا على المحرم.
روى محمد بن إسحق عن الزهري، عن... عن الشعبي أنه قال:
أرخ بنوا إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم وإسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من الفيل.
ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وذلك سنة: سبعة عشر أو ثمانية عشر منها. وجعلوا أولها من المحرم، فيما اشتهر عنهم، وهذا هو قول جمهور الأئمة.
كل ما سبق ليس فيه أي دليل إتهام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه على أنه هو الذي الغى شهرالتقويم من التقويم الهجري، بل أن كل ما أمر به كان جعل بداية التاريخ الإسلامي من سنة هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام دون أن يغير رأس السنة العربية التي كانت تبدأ بصفر أول فأصبحت تدعى في الإسلام بشهر محرم بعد أن اختار الرسول الكريم ذلك الإسم لذلك الشهر لكونها أول الأشهر الحرم الأربعة المتوالية حسب ما رأينا دليل ذلك في سورة التوبة من القرآن الكريم.
وماذا نقرا في المصادر الغربية، عن نفس الموضوع؟* نقرأ للعالم والمؤرخ الأميريكي: ويل
اقتباس:
* للحاشية:نقرأ للعالم والمؤرخ الأميريكي: ويل ديورانت، في موسوعته: قصة الحضارة، الجزء الثاني من المجلد الرابع، طبع الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية، الطبعة الثانية 1964

ديورانت، في موسوعته: قصة الحضارة، ما يلي:
... وصلا أخيرا(الرسول الكريم ومعه أبو بكر الصديق) إلى المدينة في: 24 سبتمبر" أيلول " من عام: 622 م... وبعد سبعة عشر عاما من ذلك الوقت اتخذ الخليفة عمر, اليوم الأول من السنة العربية التي حدثت فيها تلك الهجرة، ..... البداية الرسمية للتاريخ الإسلامي.
من الجدير بالذكر، أني عندما طبقت الدورة الإقترانية للشمس والقمر التي تحتاج، كما بين الله تعالى ذلك في كتابه المبين: القرآن العظيم، إلى معرفة بعلم الحساب حيث قال موجها خطابه للذين يعلمون، وليس للذين يجهلون، في الآية التي قرأنا سابقا والتي تقول:
(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون*) 5-10.
وجدت أن أغلب الأحداث الإسلامية تتطابق بشكل تام مع ما أرخه الغربيون لتلك الأحداث بحسب تقويمهم الذي مازال مقوما على فصول السنة.
مثلا: تاريخ بداية معركة اليرموك، نجدها في المصادر العربية الإسلامية: قد وقعت في الخامس من رجب، سنة 15 هـ، المتطابقة تماما حسب كتاب النسيء لما أرخ في الصادر الغربية التي تقول أنها قد وقعت في العشرين من آب ( أغسطس) سنة: 636م.
الآن إذا فتحنا كتاب النسيء* ( الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع) الطبعة الأولى 1999.
اقتباس:
* للحاشية: الكتاب الذي طبع للمؤلف في دمشق- دار الأهالي- الطبعة الأولى، 1999م.

على الصحيفة رقم: 142، المحتوية لتقويم السنة الخامسة عشر هجرية الموافقة لسنة: 636 م نجد في المربع السابع الممثل لجدول التقويم للشهر الثامن: آب (أغسطس)، أن اليوم الأول من شهر آب يتطابق مع يوم إكتمال بدر الشهر السادس هجري: جماد ثاني، ويوم: 20 من شهر آب يتطابق مع اليوم الخامس من شهر رجب.
يستحيل أن يحصل ذلك التطابق باليوم والشهر والسنة صدفة، لذا فإني أعتبر مثل هذه التطابقات براهين علمية على بقاء شهر التقويم مستخدما في العصر الراشدي في التقويم العربي الإسلامي، أقدمه اليوم لعلماء الأمة الإسلامية، المتخصصين في العلوم الرياضية، كي ينقدوا ويظهروا للقراء الكرام إن كان في حسابات ذلك الكتاب أية أخطاء تستوجب التعديل في جداولها، أو في أسلوب التوصل إليها.
قد يظن البعض أن العرب قد أخذوا تقويمهم الحاوي على شهر التقويم ( النسيء) من بني إسرائيل، هذا الظن غير صحيح، بدليل أن السنة العربية تبدأ مثل التقويم البابلي القديم‘ والتقويم الصيني، في: 14- شباط (فبراير)، بينما التقويم العبراني يبدأ في:16-آذار(مارس) من كل دورة شمس قمرية.
التقويم البابلي ما يزال يستخدم أسماء الأشهر باللغة البابلية التى ما تزال تستخدم إلى هذا اليوم في بلاد الشام ، كما أن اليهود أيضا بدأوا باستخدامها من أيام السبي البابلي الأول، مبتدئين بشهر آذار: (آدارو‘ نيسانو‘ آيارو‘ سيمانو‘ دوزو‘ آبو‘ أيلولو‘ تاشريتو‘ كسلامو’ شاباتو‘ تيباتو ) لم يخترع أحد من أمم الأرض الشهر النسئ بل هو علم موجود في أغلب حضارات العالم وما يزال الصينيون يستخدمونه في تقويمهم القمري وعددهم يزيد عن المليار انسان. كما نعلم، كل الحضارات نشأت أصلا على رسالة أتى بها رسول أو نبي من الله تعالى ثم حرفها الملأ من كل أمة:
( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا) 36 -16.
بينما الأشهر العربية أصيلة ولها معاني موسمية بدليل أن التقويم العربي لم يقتبس من أحد:
- محرم أول أشهر السنة وأول أشهر الحرم بحسب القرآن.
- صفر دلالة على تصفير الفرق بين طول الليل والنهار وهو يصادف مع إستخدام الشهر النسئ كشهر مقوم للأشهر التي تنحرف عادة عن مواسمها في شهر آذار الذي يتساوى فيه طول الليل مع طول النهار ويصبح الفرق صفرا.
- ربيع أول وربيع ثاني من أشهر الربيع (نيسان ‘ أيار).
- جماد أول وجماد ثاني هي أشهر جماد الحبوب في السنابل وهي موسم الحصاد.
- رجب أصله من رجب بتشديد الجيم الذي كان يحمل معنى عظم في العصر الجاهلي حيث كانوا يعظمون شهر رجب ويجعلونها من الأشهر الحرم.
- شعبان شهر موسمي كان العرب يتشعبون فيه في البادية طلبا للماء من أجل أنعامهم بعد فصل الصيف الذي تتوقف فيه الأمطار.
- رمضان: البدو ما يزالون يقولون عن أول مطر بعد فصل الحر (الرمض - الرمضان) رمضان.
- شوال هو موسم تزاوج النوق مع الجمال فيقول البدو: شولت الناقة بذنبها دلالة على بدء بحثها عن الذكر.
- ذو القعدة، كانت الاعراب تقعد فيه ولا ترتحل لكثرة رياحها التي كانت تصعب عليهم نصب خيامهم فيها.
- ذوالحجة كان موسم الحج في الجاهلية وكان العرب يفتحون فيها الأسواق الموسمية مثل سوق عكاظ وسوق ذي المجاز وسوق ذي المجنة وتوقفت مكة عن فتحها بعد إلغاء الشهر النسئ.
ذوالحجة يصادف شهر كانون الثاني وقد اخترته شخصيا لزيارة الأماكن المقدسة فوجدت أن أنسب الأوقات لزيارة مكة حيث تتراوح درجات الحرارة فيها بين 20-25 مئوية و 70-80 فهرنهايت.
بدون شهر النسئ لا يمكننا معرفة المواسم في التقويم العربي الذي يستحق على شكله الحالي لقب: اللا تقويم العربي الهجري، لكون كلمة تقويم تفقد معناها بدون ذلك الشهر الذي وظيفته تقويم وتعديل الأشهر القمرية مع المواسم الأربعة (ربيع صيف خريف شتاء).
والعالم بالنسئ هو من علم الله تعالى الذي علم الإنسان ما لم يعلم، بدليل أن معرفته تعم كل شعوب العالم وحضاراتها القديمة.
لكن، مع الأسف، فإن أهل الجهل في جاهليتنا العظمى يريدون أن يطفئوا نورالله بأفواههم: (يريدون ان يطفئوا نورالله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) 32-9.
والكافر هو الذي يحاول إخفاء الحقيقة أو تغطيتها بدليل أن الفلاح الذي مهنته الزراعة يقوم بتغطية الحبوب بالتراب لذلك نجد إسمه في العربية: الكافر وجمعه الكفار والبلدة الزراعية تسمى كفرا مثل كفر الشيخ - كفر ناسج - كفر نفاخ - كفر بطنة ......الخ) .
الله تعالى استخدم نفس المعنى في لهجة ( لسان) قريش متحدثا عن الزرع والزراعة والمزارعين:
(كمثل غيث أعجب الكفار نباته) 20 - 57.
بمعنى أعجب المزارعين نباته لأنهم وحدهم القادرون على تمييز النبات الجيد عن غيره لخبرتهم العملية في الموضوع.
عندما كنت في الحرم المكي سألت أحد الشيوخ المناوبين في الحرم من أجل الأفتاء للناس: ماهي الحكمة من جعل شهر رمضان وأشهر الحج تدور على فصول السنة ولا تأتي في المواسم كما كانت في الجاهلية؟
فقال: حتى يصوم المسلم في كل الاوقات في الربيع والصيف والخريف والشتاء وكذلك الحج فيحج الناس في كل الاوقات.
فسألته: هل تعلم أن طول النهار في سيبيريا والبلاد الاسكندنافية وألاسكا صيفا: يصل الى 22 ساعة وطول الليل يتضاءل حتى يصل إلى ساعتين فقط بينما تنقلب في فصل الشتاء ليصبح طول النهار ساعتان وطول الليل يتزايد حتى يصل إلى 22 ساعة ؟
هل تعلم أن طول الليل يتساوى مع طول النهار في كل قارات الأرض في شهري آذار وأيلول اللتان تقابلهما شهري: صفر ورمضان، علما أنه عندما يحل فصل الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالية يحل فصل الخريف في نصف الكرة الجنوبية، والعكس صحيح؟
وعندما لم يجب، سألته: كيف للمسلمين في تلك البلاد أن يصوموا رمضان؟
فقال: بإمكانهم أن يصوموا على توقيت مكة.
هل يعلم المسلمون اليوم أن الله تعالى قد يسر دينه للناس كافة في كل بقاع الأرض، وعلم الإنسان علم الفلك، كما علمه علم الحساب وعلم الشهر النسئ عن طريق رسله وأنبيائه بدليل أن ذلك العلم موجود في كل حضارات الأرض عند كل الشعوب القديمة من أصحاب التاريخ؟
أعتقد أن الصيام كان يفرض في كل رسالات الأرض بدليل وجود الصيام في الديانات التي نسميها اليوم بالديانات السماوية، اليهودية والمسيحية والإسلام.
والله تعالى هو الذي اختار شهر رمضان للصيام لوقوع الإعتدال الخريفي فيه في نصف الكرة الشمالية من الأرض بينما يقع فيه الإعتدال الربيعي في النصف الجنوبي المقابل كي يكون الصيام يسيرا على الناس من الله تعالى الذي يسر ولم يعسر على خلقه من شيء.
الذي يكون في شهر أيلول أوله، لأن في هذا الشهر يتساوى طول الليل مع طول النهار في كل الكرة الأرضية، وهو أنسب الأشهر للصيام لوقوعه في فصل الإعتدال الخريفي في نصف الكرة الشمالية، ويقع في فصل الإعتدال الربيعي في نصف الكرة الجنوبية.
ألا يتجلى في هذا عدل الله وحكمته في أن يصوم كل المسلمين في قارات الأرض الخمسة، شاملا المناطق القطبية المسكونة منها، ليصوموا 12 ساعة وليفطروا فيما يقابل ذلك 12 ساعة‘ ألا ترون في هذا كله تيسيرا من الله تعالى في دينه للعالمين من أجل صيامهم وحجهم الى بيته العتيق الذي بناه إبراهيم في مكة ليكون محجا لناس كافة، وليس للمؤمنين وحدهم، كما تبين كل آيات الحج في القرآن:
( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) 97 - 3.
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق *) 27- 22.
ألا ترون حكمة الله في أن يحج الناس جميعا في أشهر الحج المعلومات، التي تصادف في الأشهر المقومة في فصل الشتاء حيث تكون الحرارة في مكة تترواح بين 20-25 مئوية.
أم ترون الحكمة في أن تكون في شهر تموز، حيث الحرارة بين 50-55 مئوية، فيموت فيها آلاف الحجاج من شدة الحر؟
وليكون حج الناس جميعا في يوم واحد لمجرد أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام قد اختار حجه في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة عندما لم يكن عدد المسلمين في الأرض قد تجاوز الآلاف بعد، فجعلناها سنة غير قابلة للتعديل ينتج عنه سنويا كوارث في الحج نتيجة الزحام إن لم يكن نتيجة الحر في الصيف.
علماً أن المملكة العربية السعودية مازالت توسع الحرم المكي باستمرار نتيجة إزدياد عدد الحجاج الدائم.
أم ترون الحكمة بأن يحج الناس جميعا خلال موسم كامل كما حددها الله في القرآن فلا يموت الناس من الزحام:
(الحج أشهر معلومات) 197-2.
وعندما سئل الرسول الكريم عن تقويم الأشهر القمرية التي تبدأ عادة بالأهلة، أجاب سبحانه العليم العلام الذي يعلم كل شيء:
( يسألونك عن الأهلة، قل: هي مواقيت للناس والحج ) 189- 2.
أي حتى يعلم الناس بها متى يزرعون ومتى يحصدون، ومتى يحجون، بينما زرع سبحانه في فطرة الحيوانات والطيور معرفة الفصول بالغريزة، فتعلم بها مواقيت تزاوجها الفصلية دون حاجة لأي علم.
أم ترون تطبيق ما رواه الرواة من أحاديث قد أصبحت أهم من تطبيق كتاب الله الذي أنزله الله من السماء مع حامل وحيه جبريل عليه السلام حتى تم واكتمل في صورة القرآن العظيم؟
الله تعالى لم يحرم شهر التقويم: النسئ في القرآن، بل حرم التدخل فيما حرمه الله وحلله من الأشهر الحرم بدليل قوله سبحانه في القرآن، إن قرأنا الآية صحيحة التشكيلفي كلمتي زيادة تنوينا بالفتحة مع كسر الضاض في فعل يضل بدلا عن الفتحة فيصبح فاعل الضلالة هم الذين كفروا :
(إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لايهدي القوم الكافرين) 37-9
ليواطئوا بمعنى (ليتدخلوا ويبدلوا) عدة ماحرم الله من أشهر.
الأشهر الحرم التي عددها المفسرون في كتب التفسير هي:
رجب - ذوالقعدة - ذوالحجة- ومحرم.
بينما اذا اعتبرنا القرآن مرجعنا ومصدرنا للمعرفة يتبين لنا من سورة التوبة نفسها بأنها هي الأشهر التي تأتي بعد شهر ذي الحجة بدليل أن الله تعالى يعلن هدنته المشهورة للمشركين في شهر الحج الأكبر الذي كان شهراً نسيئاً في السنة التاسعة للهجرة, تأتي بعدها أشهر الحرم الأربعة التي تلي أشهر الحج مباشرة كما تنص الآيات:
(براءة من الله ورسوله الى الذين عاهدتم من المشركين*فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين* وأذان من الله ورسوله الى الناس
يوم الحج الأكبر... الى قوله تعالى ذاكراً الأشهر الحرم لأنها كانت معروفة قبل رسالة محمد للعرب: .... فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) 1-5 -9.
هكذا نكتشف من القرآن الحاوي على أصدق الحديث وأحسنه أن الأشهر الحرم الأربعة هي:
محرم - صفر - ربيع أول - وربيع ثاني. وليس كما يظنها أغلب المسلمين الى هذا اليوم نتيجة ما يقرأونه في كتب التفسير، فكتاب الله أحكم وأصدق من كتب الأرض كلها.
الآن كي نستطيع أن نعلم لماذا حرم الله تعالى صيد البر في الأشهر الحرم وحلل صيد البحر في كل الأشهر، علينا أن ندرك مبدئيا أن حيوانات البر تتوالد فقط في فصل الربيع، ورحمة منه سبحانه حرم قتلها في فصل توالدها.
بينما الأسماك التي لا تتوالد أصلا في فصل معين كما أنها لا ترضع ولا تطعم صغارها فلم يخصص لها سبحانه فصلا للتحريم صيدها:
(أحل لكم صيد البحر وطعامه... وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما...*) 96 - 5.
علماء التفسير يقولون أن هذا التحريم كان فقط حول الحرم المكي وأثناء الإحرام، لكن العلم والعقل والمنطق مع القرآن الذي لا يتجاوز أبدا تلك المعايير تبين أن التحريم كان لوقوع تلك الأشهر في موسم توالدها والعناية بصغارها.
كثير من المسلمين المثقفين ومن المفكرين اليوم قد بدأوا يقولون:
( على الدولة أن تسن قانونا (يشرعه الحاكم الأرضي) لتحريم صيد الحيوانات البرية في فصل الربيع لأن رجال ديننا قد أغفلوا عن تلك الحقيقة عن جهل بما في القرآن من حقائق سبقت كل العلماء.
أما عن علم الفلك مع وجوب معرفة الدورة الأقترانية للشمس والقمر: يقول المتمسكون بكتب الحديث والتفسير المتوارثة:
علم الفلك من العلوم التي اشتهرت بها الديانات الوثنية، وليس لها أهمية علمية أوعملية، لذلك فقد تركتها الأديان السماوية بما فيها الإسلام.
وأنا أتساءل: هل لله تعالى أديان متعددة؟
بل هل يعقل أصلا أن يكون لله الواحد الأحد أكثر من دين واحد؟
وهل كان إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وعيسى على غير دين الله الذي هو الإسلام ؟
( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم * ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم * ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين * إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين * ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون * أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلاهك وإلاه آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلاها واحدا ونحن له مسلمون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون * وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين * قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعسل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون * فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم * صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون * قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون * أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون * تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون * ) 127-134 البقرة
أبعد كل هذا ما زلنا نتساءل عن دين الأنبياء والرسل السابقين ؟:
(أم تقولون أن إبراهيم واسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله) 140 البقرة.


إنتهاء الجزء الثالث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق