هؤلاءٍ أمّتِي وإليهِم أنتمي

دين هو دين الله هو الإسلام و هو شرطه على الناس أن يسالم بعضهم بعضا ، فليس هناك دين إسمه المسيحية و لا اليهودية. فالمسيح دينه الإسلام و موسى دينه الإسلام وأتباع اي نبي من الأنبياء قد يكونوا مسلمين و قد يكونوا ممن يرفع الشعارات و لا علاقة لهم برسالة الأنبياء التي هي واحدة.
رسالة السماء لأهل الأرض لم تتعدد و لم تختلف ، فالدين واحد و الرسالة واحدة
النبي الكريم محمد امتداد لعائلته الكبيرة، عائلة الأنبياء الذين هم مثل الإنسانية العليا بصدقهم و جهادهم لتحرير الإنسان من العبودية للأشياء و الناس و الوقوف مع المستضعفين ، هؤلاء أمّتي و إليهم أنتمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 20 سبتمبر 2009

الموت هل هو مقدّر سلفا




تنتهي حياة الإنسان في هذه الدنيا بالموت أو بالقتل . وقد اصطلح البشر على أنه إذا انتهت حياة الإنسان نهاية طبيعية بالمرض ؛ فإن ذلك معناه الموت . أما إذا انتهت حياته بإزهاق نفسه من مصدر خارجي كان ذلك قتلاً . وفى كل الأحوال يموت جسد الإنسان وتدخل نفسه إلى المجهول . في تقرير الفارق بين الموت الطبيعي العادي وبين القتل الطارئ يقول تعالى :
" وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم " آل عمران 144
فالقرآن يستعمل "أو" ليبين نوعية الحالة التي تنتهي بها حياة الإنسان هل هى الموت الطبيعي الآتي من داخل الإنسان أم القتل المفاجىء الآتي من مصدر خارجي .

الآن .. هل هذا الذي قتل قد انتهى عمرة المقدّر سلفا عند الله تعالى كما يعتقد الكهنوت والسواد الاعظم من الناس وكان يجب ان يموت مقتولا ، وما كان ينفعه ان يتّقي مقتله مهما فعل فسخّر الله له من يقتله لتتحقق مشيئة الله وارادته ان يموت هذا مقتولا ؟؟!!
اذا كان الأمر هكذا فهو يبدوا لي اشبه بمسرحيه قد اعدت فصولها في غفلة عنا ولا شأن لنا بها ، فالسيناريو تمت كتابته وما القاتل والمقتول الا دمى مسيّره على مسرح الحياه ليس لهم من الامر شيء!!!

المنطق السليم يفرض ان الإنسان يجب ان يكون مخيّراَ ومسؤول عن افعاله مسؤوليه تامه ، وان الله لا يتدخل بافعالنا فهي ليست مقدّرة سلفا ، وانّما تسجل لحظة وقوعها على الرغم من انها في علم الله الكلّي الإحتمالي ولا يفاجىء الله بها ، ففعل القتل قد قطع أجل الإنسان فعلا وانقص عمرة لأنه حدث من مؤثر خارجي بيد إنسان آخر قتل أخاه الإنسان أو تسبب في قتله ، ويتحمل الجاني أو المتسبب في القتل مسؤولية أنه عجّل أجل المقتول ، وأن المقتول كان مقدراً أن يعيش أطول لولا أن حدث له طارئ القتل ، لهذه الأسباب كانت عقوية القاتل في حدّها الأعلى القتل ، لأن القاتل قد أنقص عمر المقتول فكانت عقوبته انقاص عمرة ، من هنا ايضا نفهم لماذا اعز الله تعالى ذلك الذي قتل في سبيلة واعطاه المرتبه العاليه فهو قد تبرع بأغلى ما عنده وهو الحياه ، اي وافق ان ينقص عمرة طواعية في سبيل الله ، فجاء جزاؤه من جنس التضحيه الحياه الفرحه عند ربه تعالى .

اقول هذا واجد نفسي مضطرا للعوده الى المربع الاول في ضوء (ما يقرره القرآن ) او ما يعتقده الكثيرين انّ القرءان اقرّه فعلا ، بأن القاتل لا يقطع أجل المقتول ، وأن المقتول بلغ نهاية أجله المقدر له سلفاً في علم الله ولنتتبع الأحداث :
فى غزوة أحد التي قُتل فيها عشرات المسلمين أعترض بعض المنافقين من أتباع عبد الله بن أبى ، وقد كان عبد الله بن أبى يرى أن يرجع المسلمون ليتحصنوا بالمدينة ، وقد رجع فعلاً بأصحابه في أثناء المسيرة لأحد .. وبعد الهزيمة ومقتل الكثير من المسلمين قال المنافقون : لو أطاعونا ورجعوا معنا ما قتلوا .. وجاء الرد من الله بأنه ليس في طاقة أحد من البشر أن يهرب من مكان موته أو موضع مصرعه واقرأ في ذلك قوله تعالى :
"وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا
قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم "
آل عمران 154
كيف لنا ان نفهم هذه الآيه ؟ هل من الصواب ان نفهمها .. اي لو كان أولئك في بيوتهم لخرجوا رغم أنوفهم إلى مكان مصرعهم الذي لا مفر منه ، بل وتأتى الآية التالية لتحذر المؤمنين من نفس المقالة : " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا
ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرةً في قلوبهم والله يحيى ويميت والله بما تعملون بصير "

وما معنى ان يقول " الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا
لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين "
آل عمران 168
هل نفهم هنا أن الله الذي يحيى ويميت وهو الذي قدر سلفاً اعمارنا وقرّر موعد ومكان الموت سواء كان موتاً طبيعياً أو قتلاً ، ومن يعترض على ذلك لا يستطيع أن يدرأ الموت عن نفسه ؟

حادثه اخرى فى غزوة الأحزاب كان بعض المنافقين يفر إلى بيته خوف القتل فقال تعالى :
" قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل "
الأحزاب 16
وكأن الآيه تقول ان الموت او القتل مبرمج ومقدّر سلفا

ظاهر الايات يقول ان اعمار الناس مقدرة سلفا ، وانا ارى نفسي لا ترضى ان تسلّم ان الأعمار ثابته ومقدّره سلفا ، واذا كان الأمر كذلك فما الفائده اذن من الطب والبحث العلمي ، وما معنى ارتفاع معدل الاعمار في الدول التي تتنفس تنفسا طبيعيا ، واخيرا الا يصبح قوله تعالى ( ولا تقتلوا انفسكم ) قول بلا معنى اذا كان وقت الموت مقرر سلفا وسيداهمك سواءاَ قتلت نفسك بيدك او انتظرت ثوان اخرى لتموت رغما عنك .

القرءان قول دقيق في التفريق بين الفاظه وهذا يحتّم علينا إن أردنا فهم القرءان أن لا نقرأ ألفاظه كمترادفات و أن نقف في مفاهيم الألفاظ بمعانيه المتباينة بما يرسمه سياق الأيات و من هنا علينا التفريق بين لفظ القتل و لفظ الموت.
القتل هو إيقاف عضوي للحياة لأمر معين في عالم بعينه أمّا االموت فهو إنتقال من عالم إلى أخر و تاء الموت المفتوحة تشير إلى هذا التولد ، فقتل إنسان هو إيقاف لحياته العضوية في الدنيا و قتل "رسول الله" في حياتنا الدنيا هو قتل للرسول (الرسالة بتعبيرنا الأعجمي) في هذه الحياة تحديدا فالميت العادي سيدخل عالما لا نعرفه و لا إتصال لنا به و سينام في هذا العالم إلى غاية ساعة البعث و التي يستفيق بعدها ليقول "لبثت يوما أو بعض يوم" و المقتول في سبيل الله أزهقت نفسه و هو يدافع عن حرية الأخرين و عن العدل فمثل هذا و إن تفسخ عضويا فقضيته حية لم تمت بل حتّى حياته العضوية لم تنته و سيدخل عالما أخر عند من سيتكفل به "عند ربّهم" و هو عالما مفصول عنّا فصلا نهائيا " انتهى الإقتباس

يمكنني من خلال هذه المفاهيم أن أتفاعل مع البلاغات المطروحة و التي تظهر بداية كأنّها تؤكد نظرية "القدر" و تسطير الأعمار مسبقا ، لنقرأ :

1 ـ "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هناقل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم "
آل عمران 154

أن يُقتل المرء في المعركة أو يُقتل في بيته من جراء إقتحام العدو لبلده فلا فرق فيما يخص إنتهاء مفعول الحياة . القرءان في هذه الأية يقول أن ترك القتال عنما يحين هو رضا بالقتل الأكيد "لبرز الذين كُتب عليهم القتل"
و جذر ( ك ت ب) يحمل في القرءان مفهوم المنظومة المتكاملة ، فمن توفرت شروط قتله سيُقتل و من كان له مخبأ مغلق في أسفل الأرض تحت 1 كلم و لا تكتشفه الآلات فهو سينجو إذ لن يُكتب عليه القتل لكن الأمر ليس هذا ، الأمر ليس في النجاة البدنية لأفراد بل من يشكك في هذا :

"قل إنّ الأمر كلّه لله"
فمن ظنّ أنّ عدم ذهابه لساحة المواجهة نجاة فهو مخطئ إذ المواجهة ليست فقط في ساحة المعركة فأهداف العدّو دائما هي ما وراء المواجهة العسكرية. و في سياق أيات أل عمران وضوح أكثر.

2 ـ " الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين "
آل عمران 168


إنّ هؤلاء يتحدثون عن نهاية الجسم ، و القرءان يقول ليس درء القتل إخلادا للجسم ، و لا يستطيع أحد أن يدرء عن نفسه الموت لأنّها في بنية كل حي مخلوق.
درء القتل الذي يأتي من القعود هو شرّ من القتل من حيث نهاية حياة الجسم. فمفعوله سلبي هادم أمّا مفعول القتل في ساحة المواجهة الصادقة فهو إيجابي دائما و لمن لا يدصق أن يقرأ صفحات التاريخ. فالفرد من حيث هو فرد يتمسك ببقاءه الجسمي بكل وسيلة أمّا الرسالة فهي تفرق بين بقاء الجسم و الحياة.
أمّا البلاغ القرءاني :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُواأَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (النساء 29)

إنهاء الإيمان في مجتمع بل إنهاء المجتمع ذاته يبدأ عندما يبدأ الناس أكل أموالهم بينهم بالباطل أي بما ليس له مقابل موضوعي كالرشاوي و المضاربات النقدية و المشاريع الوهمية و دخول السلطة كطرف إقتصادي . فالباطل ضد الحق و الحق هو ما يقابله موضوعه ، فما ليس له مقابل باطل.