الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009
قول في الإسلام والسياسة
توصلنا وبعد جهد، إلى أن الإسلام دين الفطرة، وأن المسلمين هم معظم سكان الأرض، وأن الإيمان تكليف، وأن المؤمنين هم أتباع محمد (ص).
السبت، 5 ديسمبر 2009
يا عرب ... يا مسلمين .... هل تسمعوني؟
يا من لكم عقول،
أن أهل البلاد هنا يعكفون عن الذهاب للتعبد في الكنائس، حتى تم أقفال أبواب الكثير منها، وذلك لقلة الزبائن، لا تفرحون بهذا على أساس أنهم أي المسيحيين قد يبحثون عن عقيدة جديدة غير عقيدتهم، وممكن أن نتلقفهم للدخول في ديننا الحنيف، المعادلة ليست ببساطة لدرجة التسطيح، بل أن هذا القطاع الواسع جداً من جماهير الشعوب الأوروبية يرون أن الديانات، سواء أكانت ( يهودية، مسيحية، اسلام ) حسب ما يزعمون، هي مصدر للنزاعات والحروب والتخلف، والطائفية والعرقية، ومنبع لإنتاج الخرافة وتصديرها. (و ناقل الكفر ليس بكافر.)
أخواني علينا أن نفهم أنفسنا قبل أن نحاول فهم الأخر،أذْ لم يعد العالم أسطبل لمرابط خيولنا. وعلينا كمسلمين أن نفهم طبيعة الساحة الأوروبية، ونميز بين رسل الإسلام في زمن الإسلام، وشياطين الإسلام في وقتنا الراهن. فهنا في أوروبا لا يوجد معنا سيدنا معاذ بن جبل، ولا سيدنا محمد القاسم، ولا سيدنا طارق بن زياد، أن رسل الإسلام إلى أوروبا الحديثة، هم سقط متاع، هم أوباش، هم عورة الجسد الإسلامي، هم رسل القاذورات وليس رسل لعقيدة عظيمة أسمها الإسلام.
قبل أن نهاجر نحنُ ألمسلمين إلى أوروبا، لم، يكن لأيٍّ من الأوروبيين أن يتطاول على المسلمين، أفراد وعقيدة، بسبب أنهم ليس بموقع التماس أو الاحتكاك، بل فقط يختلفون مع الإسلام عقائدياً من دون أن يمسهم أذىَ مباشر من المسلمين. ولكن بسلامتنا نحنُ المسلمين من خلال غزونا البارد لأوروبا، أصبحنا على تماس دائم معهم فأوصلنا لهم رسالة الإسلام، بأحدث طريقة من التخلف المغموس بمستنقع سفالاتنا. فتصفح المجتمع الأوروبي سلوكنا فوجدونا ( لصوص، حراميه، جهلاء، متخلفين، نعشق الضوضاء والفوضى، تجار مسروقات وممنوعات وسموم، نكذب، نكرة العمل، نخالف الوعود ننكث العهود، تجار سوق سوداء، اغتصاب الجنسين ...حدث ولا حرج، لذا بات المجتمع لأوروبي مهدد، ثقافياً وحضارياً واجتماعياً بالخراب والدمار، هنا في أوروبا توجد مناطق يخاف يدخلها أبن البلد ليلاً.
أن مساجدنا أن لم تكن كلها، فالعدد الكبير منها يشكل مراكز وغرف عمليات لإدارة تجارة الممنوعات، والبعض منها مراكز أمنية بهيئة مساجد، ممكن استثناء مساجد الباكستانيين، كما أني أعتذر اعتذارا شديد من ذلك المسلم الشريف والمجهول في أوروبا، حتى أتجنب التعميم.
أن تصرفات المسلمين الهمجية والقذرة في أوروبا، جعلت الإنسان الأوروبي أن يرى المسلم بأم عينية، وبكل ما يفوح منهُ من خسة ونذالة، وهمجية وروح عدوانية شريرة، هذا هو الإسلام؟ أن مسلمي أوروبا، هم أوسخ رسل الإسلام وأكثر أعداءه ضرراً.
ليس بكثير على الأوروبيين حتى لو انهم أن صوتوا لهدم المساجد ورمي حجارتها في البحر، أن من مصلحة المسلمين هو عدم وجود مساجد ألإسلامية في أوروبا، لكي تستر أوزارنا وعوراتنا، وبذلك نحفظ سمعة الإسلام والمسلمين.
أخواني نحنُ مزبلة الإسلام في أوروبا،
ففي عالمنا العربي أن بحثت عن الثراء، أفتح بار أو وكر دعارة، أما أن أردت أن تصبح ثريا في أوروبا فأفتح مسجدا .
الأربعاء، 2 ديسمبر 2009
تحرير المسجد الحرام من قبضة ال سعود
البلاغ رقم 1
أولا :
1- برغم أن سيطرة الاسرة السعودية على تلك الاماكن تخالف الاسلام وتستوجب الجهاد الاسلامى ضد تلك الاسرة ودولتها الإ إن عدم الجرأة على مناقشة الموضوع أدى الى االتسليم بالوضع القائم . بمرور الزمن تحول هذا التسليم الى ما يشبه الايمان بأحقية السعوديين اسلامياً فى تلك السيطرة ، مما اعطى للسعودية ومذهبها الوهابى فرصة قيادة العالم الاسلامى وتمثيل الاسلام ...
2- ان عدد أفراد الاسرة السعودية المتحكمة فى فريضة الحج الاسلامى وفى المسجد الحرام والاماكن المقدسة للمسلمين ليس بشئ مقارنة بعدد المسلمين الذى يقترب من البليون ونصف بليون ، وعدد المنتميين للوهابية الحنبلية المتشددة ليس بشئ مقارنة بعدد المسلمين ومذاهبهم المختلفة ، وليس للسعوديين والوهابيين برهان من رب العالمين تسوغ لهم السيطرة على فريضة الحج الاسلامى والمسجد الحرام ، بل انهم تمكنوا من ذلك بالغزو والاعتداء واقامة المذابح للمدنيين ، وهذا فى حد ذاته ينسف أحقيتهم ويؤكد فرضية الجهاد المسلح ضدهم ابتغاء مرضاه الله جل وعلاه ...
3- ليس هدفنا على الاطلاق إشعال حرب مسلحة لأنقاذ المسجد الحرام وفريضة الحج من الأسرة السعودية ليوضع تحت سيطره دولة أخرى . بل اننا لا نتمنى أساساً نشوب حرب حرصاً على حرمة المسجد الحرام وعلى حرمة الانفس البشرية ... .
ولكن هدفنا هو التوعية وتكوين رأى عام ضاغط وحركات سياسية عالمية تجبر الدولة السعودية على الانسحاب من تلك الأماكن المقدسة لتوضع فى مسئوليه ادارة دولية محايدة تضمن الحج والزياره لكل البشر المسالمين . وتضمن رعاية القادمين وحريتهم فى العباده . وتيسير السفر والاقامة لهم . ليكون البيت الحرام كما قال الله جل وعلاً ( مثابة للناس وأمنا )
ولكن هدفنا هو التوعية وتكوين رأى عام ضاغط وحركات سياسية عالمية تجبر الدولة السعودية على الانسحاب من تلك الأماكن المقدسة لتوضع فى مسئوليه ادارة دولية محايدة تضمن الحج والزياره لكل البشر المسالمين . وتضمن رعاية القادمين وحريتهم فى العباده . وتيسير السفر والاقامة لهم . ليكون البيت الحرام كما قال الله جل وعلاً ( مثابة للناس وأمنا )
4- لقد نجح السعوديين فى فرض الامر الواقع منذ احتلالهم للمسجد الحرام والحجاز عام 1924، ونجحوا فى الهاء المسلمين عن عدم مناقشتة اسلامياً وشرعيا وقانونيا ، ونجحوا فى الهاء المسلمين وشغلهم بحروب محلية واقلمية ، بل وسعوا الى فرض الوهابية على كل المسلمين ليتزعموا العالم الاسلامى ويجعلوه معسكر الايمان ضد الغرب بمعسكر الكفر والحرب.
5- وجاء جيل من المسلمين يؤمن بالسعودية اكثر من ايمانه بالله جل وعلا ، ويؤمن بالوهابية ويكفر بالاسلام ، ويعتقد بعض مثقفية ان السعودية هى مهد الاسلام . وهى الدوله التى ولد ونشأ فيها رسول الاسلام عليه السلام ...
وكل هذا الهراء يمكن القضاء عليه بالتوعية .
وكل هذا الهراء يمكن القضاء عليه بالتوعية .
6- وبالتوعية يتضح الحق ، وهى أن هذه ( الاسرة \ الدولة ) الإعرابية ينطبق عليها قوله تعالى ( الأعراب أشد كفراً ونفاقاً ) وانهم يصدون عن سبيل الله جل وعلا وهو القرآن الكريم ، ويصدون عن المسجد الحرام وانهم اعدى اعداء الاسلام ، ليس فقط بفسادهم وطغيانهم وظلمهم وتاريخهم الملئ بالمذابح ، ولكن اساساً لانهم يمارسون كل هذا البغى والظلم والاعتداء والطغيان والقتل والنهب بأسم الاسلام ، وبسببهم اصبح الاسلام متهما بالارهاب والتطرف والتعصب والتخلف والتزمت وسفك الدماء .
7- أن افظع خطأ حدث فى القرن الثامن عشر هو أقامة الدوله السعودية الأولى عام 1754 ، وشهد القرن التاسع عشر تدميرها عام 1818 ، ثم شهد نفس القرن اعادة اقامتها وتدميرها ، ثم كان من أعظم أخطاء القرن العشرين اقامة الدولة السعودية الثالثة (1902: 1932) ...
8- ونرجو أن يشهد هذا القرن الحالى الاختفاء التام لهذه الدولة وانقاذ العالم من شرورها ، فيكفى ان تلك الاسره السعودية ومذهبها الوهابى تسبب فى قتل اكثر من 4 مليون مسلم ، خلال مذابح وصراعات وفتن وحروب امتدت من الجزيرة العربية إلى الهند وباكستان وكشمير وافغانستان ، ثم الى اندونسيا شرقا ، والى الشام والعراق ومصر وشمال افريقيا والمغرب غرباً ، ثم شمال اوربا وامريكا مع بداية هذا القرن ..
هذا الوباء السعودى الوهابى قام بتحويل كل تلك الاعتداءات جهاداً اسلامى معتمداً على الدين السنى من ناحية ، وعلى سيطرتهم على الحجاز والحج والاماكن المقدسة من ناحية أخرى ...
لذلك فالتوعية حتمية ...
هذا الوباء السعودى الوهابى قام بتحويل كل تلك الاعتداءات جهاداً اسلامى معتمداً على الدين السنى من ناحية ، وعلى سيطرتهم على الحجاز والحج والاماكن المقدسة من ناحية أخرى ...
لذلك فالتوعية حتمية ...
9- تبدأ التوعية بمؤتمرات يحضرها علماء المسلمين من السنة المعتدلين غير الوهابيين ، والشيعة والأحمدية والصوفية ، والقرآنيين .
يتخصص المؤتمر الاول فى بحث عدم شرعية الاحتلال السعودى للاماكن المقدسة والحج اسلاميا وتاريخيا وقانونيا . فى إطار تقديم عام للمشكلة ، وينتهى المؤتمر بتحديد اجنده متخصصة ومتعمقة للمؤتمرات التالية وتكوين لجان للمتابعة ...
من المهم عقد ذلك المؤتمر فى واشنطن فهى المكان الانسب سياسياً .. ومن المهم مشاركة كل احرار المسلمين من قيادات سياسية ودينية ومن مفكرين وعلماء دين ورجال إعلام .
يتخصص المؤتمر الاول فى بحث عدم شرعية الاحتلال السعودى للاماكن المقدسة والحج اسلاميا وتاريخيا وقانونيا . فى إطار تقديم عام للمشكلة ، وينتهى المؤتمر بتحديد اجنده متخصصة ومتعمقة للمؤتمرات التالية وتكوين لجان للمتابعة ...
من المهم عقد ذلك المؤتمر فى واشنطن فهى المكان الانسب سياسياً .. ومن المهم مشاركة كل احرار المسلمين من قيادات سياسية ودينية ومن مفكرين وعلماء دين ورجال إعلام .
أخيرا
1 ـ أتعجب من سكوت أحرار العرب والمسلمين عن تشجيع هذه الفكرة .
2 ـ واتعجب اكثر من سكوت الشيعة والصوفية فى العراق والشام ، وهم الذين قتل السعوديين آباءهم فى العراق والشام وفى الجزيرة العربية . ولا يزالون يقتلونهم ويدمرون مشاهدهم .
2 ـ واتعجب اكثر من سكوت الشيعة والصوفية فى العراق والشام ، وهم الذين قتل السعوديين آباءهم فى العراق والشام وفى الجزيرة العربية . ولا يزالون يقتلونهم ويدمرون مشاهدهم .
3 ـ ومع التعجب فلا يزال هناك أمل ...
4 ـ وسيتحقق هذا الأمل إن شاء الله جل وعلا .
ابراهيم الفرد الأمّه وأمّة المسلمين
كلمة "أمّة" تدلّ على منهاجٍ للسلوك عند كلِّ لون من ألوان ٱلدّوآبِّ وٱلطيور:
"وما من دآبّةٍ فى ﭐلأرض ولا طَـٰۤئرٍ يطيرُ بجناحيه إلآّ أمم أمثالكم" 38 ٱلأنعام.
وعلى منهاج للسلوك وٱلمعارف وٱلخبرة ٱلمكتسبة خآصّة بٱلبشر.
لأمّة ٱلبشر منهاجان. أمّة فرد لا يخضع لسلطة جمعٍ فيسأل وينظر ويعلم ويحنف عن مفاهيمه ومواقفه. وٱلمثل على هذه ٱلأمّة هو أبو ٱلمسلمين ٱلإنسان ٱلفرد "إبراهيم":
"إنَّ إبرٰهيم كان أمّة قانتًا للَّه حنيفًا ولم يكُ مِنَ ٱلمشركين" 120 ٱلنحل.
وٱلأخرى هى أمَّة جمعٍ تشبه أمم ٱلدّوآبِّ وٱلطيور. ومفاهيم هذه ٱلأمّة مستقرّة لا تقبل ولا تسمح بتغييرٍ ولا بسؤال. وٱلمثل على هذه ٱلأمّة جميع ٱلأمم ٱلقوميّة وٱلطبقيّة وٱلطآئفيّة ومنها ٱلأمّة ٱلإسلاميّة. ومَن يتبع منهاج هذه ٱلأمم لا ينظر ولا يسأل ولا يبحث ولا يدرس ولا يقرأ ويعلن متفاخرًا بٱتباعه أمّة ءابآئه:
"بَل قَالُوۤا إِنَّا وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثـٰرِهِم مُّهتَدُونَ" 22 الزخرف.
لقد بين كتاب ٱللّه أنّ ٱلفرد "إبراهيم" أمّة وأنّ ٱلتابعين للأبآء أمّة وجعل من أمّة ٱلفرد هى ٱلإمام:
"قال إِنِّى جاعِلُكَ لِلنَّاس إِمَامًا قال ومِن ذُرّيَّتِى قال لا ينالُ عهدى ٱلظَّـٰٰلمين" 124 ٱلبقرة.
ومَن يجعل من إبراهيم إمامه لا يتبع أمّة جمع لا من ٱلأبآء ولا من ٱلأخوة ولا من ٱلأبنآء.
لقد أرسل ٱللّه للناس بيانا عن جميع ٱلحقِّ وفيه طلب إليهم ليعقلوا معه:
"إنّا جعلنٰه قرءانًا عربيًّا لعلَّكم تعقلون" 3 ٱلزخرف.
كيف يعقلون؟
ٱلعقل هو فعل من أفعال ٱلقلب وبه يحدث توجيه لأفعال ٱلقلب ٱلأخرى إلى ٱلمقارنة وٱلموازنة بين أمرين أو شيئين. وبصناعة ٱلعقل يعلم ٱلعاقل بٱلفروق أو ٱلتطابق بين ٱلمعقولين فيكون له قول مؤمنٍ بما بيّنه له ٱلعقل بينهما. وبعقل ما يعلم به ٱلمرء من ٱلحقِّ مع ٱلقرءان يحكم ويعرب فيما عقله فلا يعجم فى حكمه:
"وكذلك أنزلنٰه حكمًا عربيًّا" 37 ٱلرعد.
ٱلذى جُعل قرءانًا عربيا هو بيان ٱللّه عن جميع ٱلحقِّ. وٱلحقُّ هو ما ينظر فيه ٱلمرء ليعلم كيف بدأ ٱلخلق. وٱلعقل ٱلمطلوب منه هو بين ما قرأه هو بنظره من ٱلحقِّ وبين بيان ٱللّه ٱلعربىّ عنه.
سلوك ٱلناس ومفاهيمهم ومواقفهم هى من ٱلحقِّ وفى كتاب ٱللّه بيان عنها. فعقل ما يقوله ٱلمسلمون عن أنفسهم أنّهم "أمّة إسلاميّة" يبيّن حالا واحدًا لأمّتهم هو حال أمّة ٱلجمع. وبعقل قولهم مع قول ٱلقرءان ٱلعربىّ وٱلحكم ٱلعربىّ يكون ٱلحكم على قولهم وعلى موقفهم عربيّا لا عجم فيه. فما يبيّنه ٱلقول ٱلعربىّ عن ٱلأمّة أنها منهاجان للسلوك. ٱلأول منهاج جمعٍ يبيّنه منهاج جميع ٱلدّوآبِّ وٱلطيور وكذلك منهاج ٱلتابعين علىۤ ءَاثار ءابآئهم من ٱلناس. وٱلثانى منهاج فرد مسئول يحنف عن ءاثار ءابآئه ويجعل من نظره وعلمه هو ٱلوسيلة لسلوكه. وبذلك يكون ٱلحكم على ٱلمسلمين أنّهم أمّة جمع وليس أمّة فرد كأمّة "إبراهيم". وٱلمخاطب فى كتاب ٱللّه هو صاحب أمّة ٱلفرد. أمآ أصحاب أمّة ٱلجمع فهم مَن يلعنهم ٱللّه ويبعدهم عن رحمته وعن خلافته فى ٱلأرض. وٱلحاملون لاسم مسلم يقولون أنّهم يتبعون أمّة جمع ويزعمون إيمانًا بٱلكتاب وهم يتبعون أمّة ٱلأبآء وأحاديثها ٱلتى يسموها سنّة للنبىّ من دون أن يعقلوا بين تلك ٱلأحاديث وبين أحسن ٱلحديث فى كتاب ٱللّه. بل هم يظنّون أنّ كتاب ٱللّه من دون تلك ٱلأمّة وٱلسّنّة لا نفع لهم منه. فيقولون أنّ أمورا وأحكامًا كثيرة لم يبيّنها ٱللّه فى كتابه ويرون فيما ورثوه عن ءَابآئهم من قول منسوب للنبىّ بيانها. وهم يستنكرون طلب ٱلعقل بين ٱلأمتين ولا يذكرون ما يقوله ٱللّه:
"مَّا فَرَّطنَا فِى ٱلكِتَٰبِ مِن شَىءٍ" 38 ٱلأنعام.
ولا يكفيهم مآ أنزله ٱللّه من بيان يرحمهم به إن ذكروه:
"أَوَلَم يَكفِهِم أَنَّآ أَنزَلنَا عَلَيكَ ٱلكِتَٰبَ يُتلَى عَلَيهِم إِنَّ فِى ذَلِكَ لَرَحمَةً وَذِكرَى لِقَومٍ يُؤمِنُونَ" 51 ٱلعنكبوت.
فيقولون أنّ ما ورثوه من حديث لا يمكن تركه فهو حديث صحيح تتبعه أمّة ٱلمسلمين منذ عهد طويل. ولا يعلمون أنّ أمّة ٱلمسلمين هى مثل أمّة ٱلذين قالوا ويقولون: "إِنَّا وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثـٰرِهِم مُّهتَدُونَ". وأنّ هذه ٱلأمّة هى ما تبرّأ إبراهيم منها وهاجر عنها.
وترىۤ أتباع هذه ٱلأمّة ينتظرون ليفتى لهم كاهن ممّن يزعمون لأنفسهم ٱسم "عالم فى ٱلدين" ليستنفروا معا كأمّة جمع تشبه أمم ٱلقطيع لا تسأل ولا تفكّر ولا تعلم. وترىٰهم يسقطون فى حفر نصبها لهم شيطان فيهانون ويذلّون ويموت منهم كثير. وأتباع هذه ٱلأمّة لا يذكرون أنّ فى كتاب ٱللّه بيان للناس أنّ ٱلرّسول لا يفتى لهم وأنّ ٱلذى يفتى لهم هو ٱللّه:
"يَستَفتُونَكَ قُلِ ٱللّهُ يُفتِيكُم" 176 ٱلنسآء.
فٱلرسول وأُولى ٱلأمر من ٱلمؤمنين يستنبطون بما يتشابه لهم فهمه ولا يفتون:
"ولو رَدُّوهُ إلى ٱلرَّسولِ وإلىٰۤ أُولِى ٱلأمرِ منهم لَعَلِمَهُ ٱلَّذينَ يَستنبِطُونَهُ منهم" 83 ٱلنِّسآء.
ٱلرّسول يعلم ٱلحكمة بمآ أوحىَ إليه:
"ذَلِكَ مِمَّآ أَوحَىۤ إِلَيكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلحِكمَةِ" 39 ٱلإسرآء.
فلا يقول ما ينقض مآ أنزل إليه:
"أَفَغَيرَ ٱللّهِ أَبتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنَزَلَ إِلَيكُمُ ٱلكِتَٰبَ مُفَصَّلاً" 141 ٱلأنعام.
"وَلَقَد جِئنَاهُم بِكِتَٰبٍ فَصَّلنَٰهُ عَلَى عِلمٍ هُدًى وَرَحمَةً لِّقَومٍ يُؤمِنُونَ" 52 ٱلأعراف.
ومع عربيّة هذا ٱلقول لا يصدق أتباع هذه ٱلأمّة ٱللّهَ ولا يقبلون أن يفتيهم ولآ أن يفصّل لهم ولآ أن يحكم بينهم. فلهم إلٰه يتبعوه يمثله كاهن مجنون لا يعلم من ٱلحقِّ شيئا ويفتى لهم بما يضلّهم عن ٱلحقِّ وعن هدايته:
"فَذَلِكُمُ ٱللّهُ رَبُّكُمُ ٱلحَقُّ فَمَاذَا بَعدَ ٱلحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصرَفُونَ" 32 يونس.
وهم يهرعون علىۤ ءَاثار ءابآئهم ويضلون:
"إِنَّهُم أَلفَوۤاْ ءَابَآءَهُم ضَآلِّينَ(69) فَهُم عَلَىٰۤ ءَاثَٰرِهِم يُهرَعُونَ(70)" ٱلصَّافَّات.
وهؤلآء سيدخلون ٱلنار كما دخلتهآ أمم من قبلهم:
"ٱدخُلُواْ فِىۤ أُمَمٍ قَد خَلَت مِن قَبلِكُم مِّنَ ٱلجِنِّ وَٱلإِنسِ فِى ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَت أُمَّة لَّعَنَت أُختَهَا حَتَّىۤ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَت أُخرَاهُم لأُولاَهُم رَبَّنَا هَـؤُلآء أَضَلُّونَا فَـءَـاتِهِم عَذَابًا ضِعفًا مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعف وَلَٰكِن لا تَعلَمُونَ" 38 ٱلأعراف.
وحال قول أمّة ٱلإسلام يبينه ٱلقول ٱلعربىّ:
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللّهُ قَالُواْ بَل نَتَّبِعُ مَآ أَلفَينَا عَلَيهِ ءَابَآءنَآ أَوَلَو كَانَ ءَابَآؤُهُم لاَ يَعقِلُونَ شَيئًا وَلاَ يَهتَدُونَ" 170 ٱلبقرة.
فهم أمّة ٱتخذت من ٱلشياطين أوليآء ويحسبون أنهم مهتدون:
"إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَٰطِينَ أَولِيَآء مِن دُونِ ٱللّهِ وَيَحسَبُونَ أَنَّهُم مُّهتَدُونَ" 30 ٱلأعراف.
وسيكون قول كلٍّ منهم:
"يَٰوَيلَتَىٰ لَيتَنِى لَم أَتَّخِذ فُلانًا خَلِيلا(28) لَّقَد أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذِّكرِ بَعدَ إِذ جَآءنِى وَكَانَ ٱلشَّيطَٰنُ لِلإِنسَٰنِ خَذُولا" 29 ٱلفرقان.
"وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـءَـايَٰتِ رَبِّهِ فَأَعرَضَ عَنهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَت يَدَاهُ إِنَّا جَعَلنَا عَلَى قُلُوبِهِم أَكِنَّةً أَن يَفقَهُوهُ وَفِىۤ ءَاذَانِهِم وَقرًا وإذ تَدعُهُم إِلَى ٱلهُدَىٰ فَلَن يَهتَدُوۤا إذًا أَبَدًا" 57 ٱلكهف.
وسيتبرّأ ٱلمتبوعون من ٱلتابعين:
"إِذ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلعَذَابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ ٱلأَسبَابُ(166) وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَو أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنهُم كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللّهُ أَعمَٰلَهُم حَسَرَاتٍ عَلَيهِم وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ(167)" ٱلبقرة.
ويظنّ أتباع أمّة ٱلإسلام أنّ ٱلجنّة لهم وأنّ ٱلنار لن تمسَّهم:
"وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُل أَتَّخَذتُم عِندَ ٱللّهِ عَهدًا فَلَن يُخلِفَ ٱللّهُ عَهدَهُ أَم تَقُولُونَ عَلَى ٱللّهِ مَا لاَ تَعلَمُونَ(80) بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَٰطَت بِهِ خَطِيۤـئَتُهُ فَأُوْلَـٰۤئِكَ أَصحَٰبُ ٱلنَّارِ هُم فِيهَا خَٰلِدُونَ(81)" ٱلبقرة.
فهم علىۤ أمتهم ٱلجمعية يزعمون علمًا بٱلدين وهو دين ٱللّه ويظنون بٱللّه جهلا فى دينه:
"قُل أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُم وَٱللَّهُ يَعلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيم" 16 ٱلحجرات.
لقد ذكّرهم قول ٱللّه وسيسألهم عمّا ذكّرهم به:
"إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ ٱللّهِ عِبَاد أَمثَالُكُم فَٱدعُوهُم فَليَستَجِيبُواْ لَكُم إِن كُنتُم صَٰدِقِينَ" 194 ٱلأعراف.
"وما من دآبّةٍ فى ﭐلأرض ولا طَـٰۤئرٍ يطيرُ بجناحيه إلآّ أمم أمثالكم" 38 ٱلأنعام.
وعلى منهاج للسلوك وٱلمعارف وٱلخبرة ٱلمكتسبة خآصّة بٱلبشر.
لأمّة ٱلبشر منهاجان. أمّة فرد لا يخضع لسلطة جمعٍ فيسأل وينظر ويعلم ويحنف عن مفاهيمه ومواقفه. وٱلمثل على هذه ٱلأمّة هو أبو ٱلمسلمين ٱلإنسان ٱلفرد "إبراهيم":
"إنَّ إبرٰهيم كان أمّة قانتًا للَّه حنيفًا ولم يكُ مِنَ ٱلمشركين" 120 ٱلنحل.
وٱلأخرى هى أمَّة جمعٍ تشبه أمم ٱلدّوآبِّ وٱلطيور. ومفاهيم هذه ٱلأمّة مستقرّة لا تقبل ولا تسمح بتغييرٍ ولا بسؤال. وٱلمثل على هذه ٱلأمّة جميع ٱلأمم ٱلقوميّة وٱلطبقيّة وٱلطآئفيّة ومنها ٱلأمّة ٱلإسلاميّة. ومَن يتبع منهاج هذه ٱلأمم لا ينظر ولا يسأل ولا يبحث ولا يدرس ولا يقرأ ويعلن متفاخرًا بٱتباعه أمّة ءابآئه:
"بَل قَالُوۤا إِنَّا وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثـٰرِهِم مُّهتَدُونَ" 22 الزخرف.
لقد بين كتاب ٱللّه أنّ ٱلفرد "إبراهيم" أمّة وأنّ ٱلتابعين للأبآء أمّة وجعل من أمّة ٱلفرد هى ٱلإمام:
"قال إِنِّى جاعِلُكَ لِلنَّاس إِمَامًا قال ومِن ذُرّيَّتِى قال لا ينالُ عهدى ٱلظَّـٰٰلمين" 124 ٱلبقرة.
ومَن يجعل من إبراهيم إمامه لا يتبع أمّة جمع لا من ٱلأبآء ولا من ٱلأخوة ولا من ٱلأبنآء.
لقد أرسل ٱللّه للناس بيانا عن جميع ٱلحقِّ وفيه طلب إليهم ليعقلوا معه:
"إنّا جعلنٰه قرءانًا عربيًّا لعلَّكم تعقلون" 3 ٱلزخرف.
كيف يعقلون؟
ٱلعقل هو فعل من أفعال ٱلقلب وبه يحدث توجيه لأفعال ٱلقلب ٱلأخرى إلى ٱلمقارنة وٱلموازنة بين أمرين أو شيئين. وبصناعة ٱلعقل يعلم ٱلعاقل بٱلفروق أو ٱلتطابق بين ٱلمعقولين فيكون له قول مؤمنٍ بما بيّنه له ٱلعقل بينهما. وبعقل ما يعلم به ٱلمرء من ٱلحقِّ مع ٱلقرءان يحكم ويعرب فيما عقله فلا يعجم فى حكمه:
"وكذلك أنزلنٰه حكمًا عربيًّا" 37 ٱلرعد.
ٱلذى جُعل قرءانًا عربيا هو بيان ٱللّه عن جميع ٱلحقِّ. وٱلحقُّ هو ما ينظر فيه ٱلمرء ليعلم كيف بدأ ٱلخلق. وٱلعقل ٱلمطلوب منه هو بين ما قرأه هو بنظره من ٱلحقِّ وبين بيان ٱللّه ٱلعربىّ عنه.
سلوك ٱلناس ومفاهيمهم ومواقفهم هى من ٱلحقِّ وفى كتاب ٱللّه بيان عنها. فعقل ما يقوله ٱلمسلمون عن أنفسهم أنّهم "أمّة إسلاميّة" يبيّن حالا واحدًا لأمّتهم هو حال أمّة ٱلجمع. وبعقل قولهم مع قول ٱلقرءان ٱلعربىّ وٱلحكم ٱلعربىّ يكون ٱلحكم على قولهم وعلى موقفهم عربيّا لا عجم فيه. فما يبيّنه ٱلقول ٱلعربىّ عن ٱلأمّة أنها منهاجان للسلوك. ٱلأول منهاج جمعٍ يبيّنه منهاج جميع ٱلدّوآبِّ وٱلطيور وكذلك منهاج ٱلتابعين علىۤ ءَاثار ءابآئهم من ٱلناس. وٱلثانى منهاج فرد مسئول يحنف عن ءاثار ءابآئه ويجعل من نظره وعلمه هو ٱلوسيلة لسلوكه. وبذلك يكون ٱلحكم على ٱلمسلمين أنّهم أمّة جمع وليس أمّة فرد كأمّة "إبراهيم". وٱلمخاطب فى كتاب ٱللّه هو صاحب أمّة ٱلفرد. أمآ أصحاب أمّة ٱلجمع فهم مَن يلعنهم ٱللّه ويبعدهم عن رحمته وعن خلافته فى ٱلأرض. وٱلحاملون لاسم مسلم يقولون أنّهم يتبعون أمّة جمع ويزعمون إيمانًا بٱلكتاب وهم يتبعون أمّة ٱلأبآء وأحاديثها ٱلتى يسموها سنّة للنبىّ من دون أن يعقلوا بين تلك ٱلأحاديث وبين أحسن ٱلحديث فى كتاب ٱللّه. بل هم يظنّون أنّ كتاب ٱللّه من دون تلك ٱلأمّة وٱلسّنّة لا نفع لهم منه. فيقولون أنّ أمورا وأحكامًا كثيرة لم يبيّنها ٱللّه فى كتابه ويرون فيما ورثوه عن ءَابآئهم من قول منسوب للنبىّ بيانها. وهم يستنكرون طلب ٱلعقل بين ٱلأمتين ولا يذكرون ما يقوله ٱللّه:
"مَّا فَرَّطنَا فِى ٱلكِتَٰبِ مِن شَىءٍ" 38 ٱلأنعام.
ولا يكفيهم مآ أنزله ٱللّه من بيان يرحمهم به إن ذكروه:
"أَوَلَم يَكفِهِم أَنَّآ أَنزَلنَا عَلَيكَ ٱلكِتَٰبَ يُتلَى عَلَيهِم إِنَّ فِى ذَلِكَ لَرَحمَةً وَذِكرَى لِقَومٍ يُؤمِنُونَ" 51 ٱلعنكبوت.
فيقولون أنّ ما ورثوه من حديث لا يمكن تركه فهو حديث صحيح تتبعه أمّة ٱلمسلمين منذ عهد طويل. ولا يعلمون أنّ أمّة ٱلمسلمين هى مثل أمّة ٱلذين قالوا ويقولون: "إِنَّا وَجَدنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةٍ وإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثـٰرِهِم مُّهتَدُونَ". وأنّ هذه ٱلأمّة هى ما تبرّأ إبراهيم منها وهاجر عنها.
وترىۤ أتباع هذه ٱلأمّة ينتظرون ليفتى لهم كاهن ممّن يزعمون لأنفسهم ٱسم "عالم فى ٱلدين" ليستنفروا معا كأمّة جمع تشبه أمم ٱلقطيع لا تسأل ولا تفكّر ولا تعلم. وترىٰهم يسقطون فى حفر نصبها لهم شيطان فيهانون ويذلّون ويموت منهم كثير. وأتباع هذه ٱلأمّة لا يذكرون أنّ فى كتاب ٱللّه بيان للناس أنّ ٱلرّسول لا يفتى لهم وأنّ ٱلذى يفتى لهم هو ٱللّه:
"يَستَفتُونَكَ قُلِ ٱللّهُ يُفتِيكُم" 176 ٱلنسآء.
فٱلرسول وأُولى ٱلأمر من ٱلمؤمنين يستنبطون بما يتشابه لهم فهمه ولا يفتون:
"ولو رَدُّوهُ إلى ٱلرَّسولِ وإلىٰۤ أُولِى ٱلأمرِ منهم لَعَلِمَهُ ٱلَّذينَ يَستنبِطُونَهُ منهم" 83 ٱلنِّسآء.
ٱلرّسول يعلم ٱلحكمة بمآ أوحىَ إليه:
"ذَلِكَ مِمَّآ أَوحَىۤ إِلَيكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلحِكمَةِ" 39 ٱلإسرآء.
فلا يقول ما ينقض مآ أنزل إليه:
"أَفَغَيرَ ٱللّهِ أَبتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىۤ أَنَزَلَ إِلَيكُمُ ٱلكِتَٰبَ مُفَصَّلاً" 141 ٱلأنعام.
"وَلَقَد جِئنَاهُم بِكِتَٰبٍ فَصَّلنَٰهُ عَلَى عِلمٍ هُدًى وَرَحمَةً لِّقَومٍ يُؤمِنُونَ" 52 ٱلأعراف.
ومع عربيّة هذا ٱلقول لا يصدق أتباع هذه ٱلأمّة ٱللّهَ ولا يقبلون أن يفتيهم ولآ أن يفصّل لهم ولآ أن يحكم بينهم. فلهم إلٰه يتبعوه يمثله كاهن مجنون لا يعلم من ٱلحقِّ شيئا ويفتى لهم بما يضلّهم عن ٱلحقِّ وعن هدايته:
"فَذَلِكُمُ ٱللّهُ رَبُّكُمُ ٱلحَقُّ فَمَاذَا بَعدَ ٱلحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصرَفُونَ" 32 يونس.
وهم يهرعون علىۤ ءَاثار ءابآئهم ويضلون:
"إِنَّهُم أَلفَوۤاْ ءَابَآءَهُم ضَآلِّينَ(69) فَهُم عَلَىٰۤ ءَاثَٰرِهِم يُهرَعُونَ(70)" ٱلصَّافَّات.
وهؤلآء سيدخلون ٱلنار كما دخلتهآ أمم من قبلهم:
"ٱدخُلُواْ فِىۤ أُمَمٍ قَد خَلَت مِن قَبلِكُم مِّنَ ٱلجِنِّ وَٱلإِنسِ فِى ٱلنَّارِ كُلَّمَا دَخَلَت أُمَّة لَّعَنَت أُختَهَا حَتَّىۤ إِذَا ٱدَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَت أُخرَاهُم لأُولاَهُم رَبَّنَا هَـؤُلآء أَضَلُّونَا فَـءَـاتِهِم عَذَابًا ضِعفًا مِّنَ ٱلنَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعف وَلَٰكِن لا تَعلَمُونَ" 38 ٱلأعراف.
وحال قول أمّة ٱلإسلام يبينه ٱلقول ٱلعربىّ:
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللّهُ قَالُواْ بَل نَتَّبِعُ مَآ أَلفَينَا عَلَيهِ ءَابَآءنَآ أَوَلَو كَانَ ءَابَآؤُهُم لاَ يَعقِلُونَ شَيئًا وَلاَ يَهتَدُونَ" 170 ٱلبقرة.
فهم أمّة ٱتخذت من ٱلشياطين أوليآء ويحسبون أنهم مهتدون:
"إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا ٱلشَّيَٰطِينَ أَولِيَآء مِن دُونِ ٱللّهِ وَيَحسَبُونَ أَنَّهُم مُّهتَدُونَ" 30 ٱلأعراف.
وسيكون قول كلٍّ منهم:
"يَٰوَيلَتَىٰ لَيتَنِى لَم أَتَّخِذ فُلانًا خَلِيلا(28) لَّقَد أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذِّكرِ بَعدَ إِذ جَآءنِى وَكَانَ ٱلشَّيطَٰنُ لِلإِنسَٰنِ خَذُولا" 29 ٱلفرقان.
"وَمَن أَظلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِـءَـايَٰتِ رَبِّهِ فَأَعرَضَ عَنهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَت يَدَاهُ إِنَّا جَعَلنَا عَلَى قُلُوبِهِم أَكِنَّةً أَن يَفقَهُوهُ وَفِىۤ ءَاذَانِهِم وَقرًا وإذ تَدعُهُم إِلَى ٱلهُدَىٰ فَلَن يَهتَدُوۤا إذًا أَبَدًا" 57 ٱلكهف.
وسيتبرّأ ٱلمتبوعون من ٱلتابعين:
"إِذ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ ٱلعَذَابَ وَتَقَطَّعَت بِهِمُ ٱلأَسبَابُ(166) وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَو أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنهُم كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللّهُ أَعمَٰلَهُم حَسَرَاتٍ عَلَيهِم وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ(167)" ٱلبقرة.
ويظنّ أتباع أمّة ٱلإسلام أنّ ٱلجنّة لهم وأنّ ٱلنار لن تمسَّهم:
"وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً قُل أَتَّخَذتُم عِندَ ٱللّهِ عَهدًا فَلَن يُخلِفَ ٱللّهُ عَهدَهُ أَم تَقُولُونَ عَلَى ٱللّهِ مَا لاَ تَعلَمُونَ(80) بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَٰطَت بِهِ خَطِيۤـئَتُهُ فَأُوْلَـٰۤئِكَ أَصحَٰبُ ٱلنَّارِ هُم فِيهَا خَٰلِدُونَ(81)" ٱلبقرة.
فهم علىۤ أمتهم ٱلجمعية يزعمون علمًا بٱلدين وهو دين ٱللّه ويظنون بٱللّه جهلا فى دينه:
"قُل أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُم وَٱللَّهُ يَعلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلأَرضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَىءٍ عَلِيم" 16 ٱلحجرات.
لقد ذكّرهم قول ٱللّه وسيسألهم عمّا ذكّرهم به:
"إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ ٱللّهِ عِبَاد أَمثَالُكُم فَٱدعُوهُم فَليَستَجِيبُواْ لَكُم إِن كُنتُم صَٰدِقِينَ" 194 ٱلأعراف.
الأربعاء، 11 نوفمبر 2009
مفهوم الحرية في الإسلام
مفهوم الحرية في الإسلام
سأبدأ حديثي بالمقدمات الآتية:
أولاً - ثمة أمور عندي غير قابلة للنقاش، منها الإيمان. فالإيمان بالله عندي تسليم وأنا مسلّم بوجود الله واليوم الآخر. وهذه مسلّمة. والمسلّمة هي أمر لا يمكن البرهان عليه علميا، كما لا يمكن دحضه علميا. ولهذا لا يجوز للملحد المنكر لوجود الله أن يقول: أنا ملحد لأن الإلحاد موقف علمي، ولا يجوز للمؤمن بوجود الله في المقابل أن يقول: أنا مؤمن لأن الإيمان موقف علمي. وعندي أن الإلحاد أو الإسلام خيار يختاره الشخص بنفسه ولنفسه. وغير قابل لأن يكون موقفاً إيديولوجياً لقيادة دولة أو مجتمع وفي هذا الخيار أنا من المسلمين.
ثانيا - الإيمان بأن محمدا عبد الله ورسوله، وبأن الكتاب الذي نزل عليه وحي موحى من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس. وهذا عندي أيضا إيمان تصديق أنا به مؤمن كشأن إيمان التسليم الذي أنا به مسلم. وبهذا أنا من المؤمنين أتباع الرسالة المحمدية.
ثالثا- الكتاب الموحى لا يعتبر دليلا علميا، بل هو دليل إيماني. وعلى اتباع الرسالة المحمدية تقديم الدليل العلمي على صدقيته من خارجه. ولو كان القرآن دليلا علميا، لكفى أن نقول لأي إنسان قال الله تعالى كذا وكذا فيقبله. ومن هنا فان على اتباع الرسالة المحمدية عندما يخاطبون العالم أن يقدموا الدليل على صدقية ما ورد في المصحف من خارجه وليس منه. فالعقل كالمظلة لا يعمل إلا مفتوحا، فإذا أغلق توقف عن العمل، وتسبب في قتل صاحبه. وعلينا أن نفتح عقولنا حتى لا نموت. لكن الثقافة العربية الإسلامية الحالية ثقافة تقليدية تراثية نفتح الكتب والتلفزيونات والبرامج الثقافية، فنجد الثقافة العربية الإسلامية تعيد إنتاج نفسها، وتكرر نفسها. لماذا؟ لأنها ثقافة تقوم على القياس ولا تقوم على الإبداع، ونحن نحتاج إلى إبداع وليس إلى قياس. وهي بهذا الآن عاجزة عن إنتاج المعرفة.
نأتي الآن إلى المفاهيم والقيم. القيمة الأولى هي الحرية، والقيمة الثانية هي العدالة. هاتان القيمتان كامنتان وراء كل الثورات الكبرى في العالم، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية. فحتى في الثورات ذات الجانب الدنيوي نجد هاتين القيمتين الحرية والعدالة. ثورة أكتوبر الشيوعية قامت من اجل العدالة قبل أن تقوم من اجل الحرية، وأعلنت صراحة أنها ديكتاتورية. وثورة الزنج قامت من اجل الحرية قبل أن تقوم من اجل العدالة. وهناك ثورات قامت من اجل الاثنتين معا.
من الناحية النظرية، أين نجد مفاهيم الحرية والعدالة في تاريخنا العربي الإسلامي، وأين نرى هذين المفهومين في كتاب الله الموحى وفي سنة نبيه محمد (ص). وكيف مورس هذان المفهومان في تاريخنا العربي الإسلامي.
الحرية حتى هذه الساعة وعلى مر عصور التاريخ ليس لها وجود في الوعي الجمعي العربي والإسلامي. هناك سببان : الأول معرفي بحت، والثاني سياسي. فالسبب المعرفي هو أن كلمة الحرية لم ترد في كتاب الله إطلاقاً، بل كل ما ورد في كتاب الله عن الحرية هو أنها ضد الرق. فقد ورد مصطلح (تحرير رقبة) خمس مرات في سور النساء والمائدة والمجادلة، وورد في سورة البقرة (178) مرة واحدة (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد). وما عدا ذلك فلا نجد لكلمة الحرية ومشتقاتها أي وجود في التنزيل الحكيم.
وإذا انتقلنا إلى الحديث النبوي فنجد فيه كلمة العتق وهو معنى مقابل للرق، ولا نجد أي شيء عن الحرية، بل نجد فيه عكس ذلك كحديث حذيفة بن اليمان الذي يقول في آخره (اسمع وأطع الأمير ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك) (مسلم 3435 – العالمية CD)، وقوله: (اسمعوا وأطيعوا ولو ولّيَ عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة) (البخاري 7142) وقوله (من بدّل دينه فاقتلوه) (البخاري 6411 – العالمية) وقوله (عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرةٍ عليك) (مسلم 1836) وذلك يتعارض عمودياً مع حرية الاختيار.
والأدبيات الإسلامية التراثية وضعت طاعة أولي الأمر مع طاعة الله والرسول. وأبرزت مفهوماً تاريخياً مشوهاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهكذا نجد أن الجانب المعرفي للحرية مفقود في الأدبيات مما يؤكد أن الحرية كقيمة ضعيفة في الوجدان العربي الإسلامي، هذا إذا كانت موجودة في الأصل. وهذا يؤكد أننا بحاجة إلى إبداع نظري حديث لتأصيل الحرية في هذا الوجدان، لأن الحرية في أدبياتنا التراثية لم ترد إلا بمعناها ضد الرق فقط، ولم تتحدث أبداً عن الحريات الاجتماعية والسياسية وما شابه ذلك. وهو السبب الأول الذي تم فيه ترسيخ مفاهيم الاستبداد ، والمؤسسة الوحيدة التي وصلتنا سالمة تاريخياً هي مؤسسة الاستبداد وعلى رأسها الاستبداد السياسي (فرعون) يتبعها مؤسسة الاستبداد الديني (هامان).
أما العدالة فلها وضع آخر: فقد ورد الظلم مع مشتقاته في كتاب الله أكثر من ثلاثمائة مرة. والعدل الذي هو ضد الظلم (ويعرف الظلم بأنه وضع الشيء في غير محله) فهو موجود بشدة في الوجدان العربي الإسلامي.
وإذا قيل عن إنسان انه عادل منصف أعجبنا ولم نسأل عن القيم الأخرى فيه. حتى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين استعمل لفظ الحرية في موقع المساواة والعدالة حين قال عبارته المشهورة في حادثة القبطي مع ابن عمرو بن العاص "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". قد يقول قائل: انه يذكر الاستعباد والأحرار. أقول: نعم، لكنه لم يكن يعني الرق ونقيضه. كان لايعني العدل في المساواة بين العبد والحر، بل المساواة بين الحر والحر. والدليل أن الرق كان نظاما متبعا أيام عمر، وكان العبد يباع ويشترى ويؤجَّر، ولم يفعل عمر شيئا من اجل إلغائه. ولو كان يعني بعبارته الحرية لفعل شيئاً من اجل الرق، لكنه لم يتدخل.
ولكن ما الذي حصل بعدها؟ الذي حصل أننا من اجل العدالة قبلنا بعصا عمر، ومات عمر، وبقيت العصا. لا بل كبرت وغلظت. وصرنا نقرأ عن الرشيد أو المأمون انه كان ينزل متنكراً ليتفقد أحوال الرعية، فنمدحه ونترحّم عليه دون أن نسأل كم من المساجين كان في سجونه. صرنا نمدح الحجاج لأنه نقّط القرآن، وننسى انه كان في سجونه حين مات – بحسب رواية الأصمعي – اكثر من 66 ألف سجين. قبلنا ذلك كله لأن مفهوم العدالة هو المسيطر على رؤوسنا، قبلناه إلى حد أننا اخترعنا مفهوما جديدا هو مفهوم المستبد العادل، ومع ذلك كان هناك تجاوز للعدالة. فنحن حين ننظر في الإسلام التاريخي وفي ادبياته الفقهية التطبيقية، نجد أن مفهوم العدالة قد حل محله مفهوم المستبد العادل، وان الحاكم لا يعزل وإن جار أو ظلم. ولا يعزل حتى إن فسق أو أصيب بالجنون، لا يعزل ويحكم مدى الحياة. هكذا تبدو الحرية والعدالة في وعينا الجمعي وفي الكتب التي ما زالت تطبع حتى اليوم ونقبلها. ما زلنا نصفق للحاكم الذي يتنكر وينزل كي يتفقد أحوال الرعية، مع أنه لم يبق الآن ما يدعوه إلى التنكر بوجود مؤسسات مجتمع مدني وأهلي تقوم بهذا الدور.
ننتقل الآن لبيان الأساس النظري لمفهوم الحرية كما ورد في كتاب الله تعالى، وهل من المعقول أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر هذه القيمة العظيمة ولم يهتم بها، ثم لنشرح بعده مفهوم الردة لما له من علاقة مباشرة بمفهوم الحرية. ففي كتاب الله مصطلحان: الأول هو العباد والثاني هو العبيد. فما الفرق بين العباد والعبيد؟ لقد ورد المصطلحان في كتاب الله، فهل نحن عباد الله أم عبيد الله؟ هذا هو السؤال. والجواب إن الناس هم عباد وليسوا عبيداً في كتاب الله تعالى.
لقد جاء المصطلحان من اصل ثلاثي هو "ع، ب، د" وهو من ألفاظ الأضداد في اللسان العربي التي تعني الشيء وضده معاً. وفعل (عَبَد)َ يعني أطاع كما يعني عصى في الوقت نفسه. أي أن العبادية تعني الطاعة والمعصية. وقد ورد هذا المصطلح بمعنييه في كتاب الله تعالى. فقال تعالى بمعنى الطاعة (إياك نعبد وإياك نستعين) (الفاتحة 5). وقال تعالى بمعنى المعصية (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله...) (الزمر 53). وقال (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) (الزخرف 81). وقال تعالى بمعنى الطاعة والمعصية معاً (نبّئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم) (الحجر 49). وقال (والنخل باسقات لها طلع نضيد، رزقاً للعباد) (ق ،10 11). وقال (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات 56). أي ليكونوا عباداً يطيعون ويعصون بملء إرادتهم واختيارهم. وليس كما يقول السادة العلماء أنه خلقهم ليصلوا ويصوموا ويكونوا عبيداً. فالعبودية غير مطلوبة أصلا. والله سبحانه لم يطلب من الناس أن يكونوا عبيداً له في الحياة الدنيا، بل خلقهم ليكونوا عباداً، فيهم من يطيع فيصوم ويصلي، وفيهم يعصى فلا يصوم ولا يصلي.
إن حرية الاختيار التي يجسدها مصطلح العبادية هي كلمة الله العليا التي سبقت لأهل الأرض، وقامت عليها حكمة الخلق بالأساس، في قوله تعالى. (ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم...) (يونس 19 وهود 110 وطه 129 وفصّلت 45 والشورى 14). ولهذا فحين نكره الناس على الإيمان أو نكرههم على الإلحاد تكون كلمة الله هي السفلى. ولهذا أيضا أمر رسول الله صلوات الله عليه بالجهاد من اجل أن تكون كلمة الله هي العليا. ولكن عندما يُكره الناس على الصلاة ولو في المسجد الحرام تصبح كلمة الله هي السفلى. وعندما نُكره النساء على الحجاب كما في أفغانستان أو نكرههن على نزع الحجاب تصبح كلمة الله هي السفلى. القضية إذن قضية "لا إكراه في الدين" وقضية حرية اختيار، لولاها لما بقي معنى ليوم الحساب ولا للثواب والعقاب. وتبين أن الحرية هي غاية الخلق في كتاب الله.
ننتقل الآن إلى المصطلح الثاني في كتاب الله تعالى وهو العبيد. لقد ورد هذا المصطلح في القرآن خمس مرات. (وأن الله ليس بظلام للعبيد) (آل عمران 182 والأنفال 51 والحج 10). (وما ربك بظلاّم للعبيد) (فصّلت 46). (وما أنا بظلام للعبيد) (ق 29). ونلاحظ أنها وردت كلها في مجال اليوم الآخر. لماذا؟ لأننا في اليوم الآخر عبيد ليس لنا من الأمر شيء. ولأننا في اليوم الآخر عبيد ليس لنا رأي ولا يحق لنا أن نتكلم أصلا. في الحياة الدنيا يؤمن الناس أو يلحدون يطيعون أو يعصون لأنهم عباد، أما في اليوم الآخر فلا وجود لحرية الاختيار، في اليوم الآخر هناك سَوْق. مثل السوق القسري إلى خدمة العلم. فيساق العصاة إلى النار تماماً مثلما يساق الطامعون إلى الجنة. يقول تعالى (وسيعود الذين كفروا إلى جهنم زمرا) (الزمر 71). (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) (الزمر 73). ونفهم من هذا كله أن الناس عباد الله في الدنيا وعبيد الله في اليوم الآخر. كما يتضح لنا بكل جلاء أن مفهوم الحرية في كتاب الله تعالى سبق مفهوم العدالة، بدليل ورود الظلم مقرونا بالعبيد في الآيات الخمس. لماذا؟ لأن العبد المملوك لا يستطيع أن يقيم العدالة، ومن هنا اقترن الظلم بالعبودية. أما العباد الأحرار فلا حاجة لتذكيرهم بالعدالة لأنهم يستطيعون أن يقيموها بأنفسهم باعتبارهم أحرارا. وحين يملك المرء حرية الاختيار ويرتفع عنه سيف الإكراه يصبح قادرا على تحقيق العدالة وصنعها. وهنا أذكر أن لفظ العبد والأمه في كتاب الله لاتعني الرق، والتي هي مفرد عباد، أما مفرد عبيد فهي العبد المملوك كما ورد في قوله تعالى (ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لايقدر على شيء) (النحل).
ننتقل الآن لننظر كيف اخذ الفقه الإسلامي التاريخي بالحرية والعدالة في مسألة الردة. إنما علينا أولا أن نميز ونحن نتحدث عن الردة بين نوعين: الردة السياسية، والردة العقائدية. فالردة السياسية هي محاولة خروج على الحكم للاستيلاء عليه. ففي بريطانيا مثلا، إذا أراد إنسان أن يصبح حاكما ورئيس وزراء فكيف يتصرف؟ انه ينتسب لحزب في بريطانيا ثم يسعى ليصل إلى رئاسة الحزب ثم لينتصر الحزب في الانتخابات... هذا هو الطريق. لكن الأمر مع الرسول (ص) مختلف. فقد بدأ نبيا ورسولا وانتهى مؤسسا لدولة مركزية في الجزيرة العربية عاصمتها المدينة المنورة. فترسخ في الوعي السياسي لدى الناس أن أي إنسان يريد أن يصبح له دور سياسي أو أن يصبح رئيس دولة يجب أن يدعي النبوة. أول من فعل ذلك في العصر النبوي هو الأسود العنسي فأمر الرسول بقتله. وعندما قام مسيلمة الكذاب وادعى النبوة ورفض أداء الزكاة للخليفة أبي بكر، كان هناك موقفان: موقف أبي بكر وهو موقف اقتصادي سياسي، وموقف عمر وهو موقف ديني يضمن حرية التصرف والممارسة. وقد انتصر وقتها موقف أبي بكر نظرا إلى أن الزكاة كانت الدخل المالي الوحيد للدولة. أما اليوم بعد اعتماد الأنظمة الضريبية من قبل الدولة فقد رجح عمليا موقف عمر، إذ لا يتم الآن دفع الزكاة للدولة بل يصرفها أصحابها بأنفسهم علي مستحقيها. ولكن لو جاء أهل الاسكندرية الآن ورفضوا أداء الضرائب المحصلة للدولة المركزية، فمعنى ذلك انهم انفصلوا عن الدولة. وهذه هي الردة السياسية.
والردة السياسية ليست حكرا على المجتمعات العربية والإسلامية، فنحن لسنا بدعة من الناس. فأكبر الحروب التي جرت في أميركا بين الشمال والجنوب هي حروب انفصال وردة سياسية.
أما الردة العقائدية، فمثالها أن يقول إنسان مسلم: أريد أن اصبح مسيحيا، أو بوذيا، أو أن يقول إنسان مسيحي: أريد أن اصبح مسلما أو يهوديا. وحكم هذا الإنسان في الإسلام التاريخي القتل. لماذا يقتلونه؟ ثمة من يقول: هناك حديث نبوي "من بدّل دينه فاقتلوه". ونحن نقول، إذا كان الله سبحانه يقول: (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (الكهف 29) ويقول: (لا إكراه في الدين) (البقرة 256) ويقول لنبيه: (إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) (الغاشية 22) فكيف يستقيم أن يأمر النبي بقتل المرتد؟ مع العلم أن هناك من ارتد عن الإيمان بالمفهوم العقائدي ولم يتصرف الرسول حيالهم بأية إجراءات. وثمة من يقول: أنت دخلت في الإسلام طوعاً ولم يجبرك أحد ولهذا لا تستطيع الخروج الآن. ونحن نقول: إن معظم المسلمين دخل في الإسلام في شكل آلي لا طوعا ولا كرها، ولدوا من أبوين مسلمين فكانوا مسلمين ولو ولدوا في بلاد البوذية لكانوا بوذيين.
إنني ألوم من يطالب بالإصلاح السياسي بدون إصلاح ديني. وهذا أمر صعب جداً. فلا يمكن (حسب رأيي) أن يكون هناك إصلاح سياسي منفصل عن الإصلاح الديني، فالعقلية التقليدية الموجودة عند الناس لا تهتم بأي إصلاح سياسي. سأعطي مثالا: هناك أبواب في الفقه الإسلامي التاريخي تحتاج إلى تغيير، منها باب سد الذرائع. وهو باب حسب المعنى السياسي يعني حالة الطوارئ والأحكام العرفية. مثلا: إذا خرجت امرأة إلى الطريق فيجب أن تلبس خيمة سوداء لأننا نخشى أن يقول لها رجل مرحبا. ولا يجوز أن تتعطر وإلا اعتبرت زانية، والأفضل للنساء أن (يقرن في بيوتهن) فلا يخرجن أبدا. باب آخر هو باب درء المفاسد خير من جلب المنافع. وهذا الباب حوّلنا إلى جبناء وبلداء وكسالى انحصرت علاقتنا بالدولة والحياة إلى درء مفاسد دون جرّ منافع، رغم أن قانون الوجود قائم على المفاسد والمنافع معاً، على الخير والشر معاً، ونفي أحدهما يعني نفي الآخر حتماً. يقول تعالى (كل نفس ذائقة الموت، ونبلوكم بالشر والخير فتنة، والينا ترجعون) (الأنبياء 35). باب ثالث هو "كل قرض جر منفعة فهو ربا" تشددوا فيه بتعريف "المنفعة" وبالغوا بتوسيع حدود "الربا"، وقرنوه بقواعد أخرى في تبديل الذهب بالذهب والفضة بالفضة والقمح بالقمح، حتى صارت المعاملات في الأسواق التجارية بالغة الصعوبة والتعقيد. ونسوا أن المنفعة هي أساس العلاقة بين كل أفراد المجتمع الإنساني أفراداً وجماعات ودولاً، حتى أن العلاقة مع الله قائمة على المنفعة. ومع ذلك نسمع خطباء الجمعة على المنابر، يتشدقون بأن الرسول (ص) مات ودرعه مرهونة عند يهودي. ونستغرب ونحن نتساءل: "أليس هذا إن صح أمرا معيباً، وفي الأمة عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وعمرو بن العاص وغيرهم من مليونيرات قريش؟ ثم نتساءل: كم كان مقدار الفائدة التي تقاضاها هذا اليهودي؟ فالتاريخ لم يسمع من قبل بيهودي يقرض أعداءه اللدودين قرضاً حسناً. باب رابع هو باب التساهل في رواية الأحاديث الضعيفة في مجال الترغيب والترهيب. باب خامس خطير ومهم هو باب الشورى. قال تعالى آمراً نبيّه الكريم (وشاورهم في الأمر) (آل عمران 159). ثم قرن الشورى مع الصلاة ليدل على أهميتها في قوله تعالى (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) (الشورى 38). ومع ذلك جعلوا الشورى للحاكم العادل الفقيه معلمة غير ملزمة، أي أنهم حولوه إلى ديكتاتور، ليس في الشرع ما يلزمه بآراء الآخرين. وهذا ما نراه في بعض الدول العربية في وضع مجالس الشورى. وإذا نظرنا إلى الشورى من الناحية التاريخية فهي فقيرة جداً وليس لها مؤسسات، ومن المجحف الآن مقارنة الديموقراطية بالشورى، لأن الديموقراطية لها تاريخ ومؤسسات، والشورى ليست كذلك ، إلا إذا اعتبرنا أن الشورى قيمة تحتاج إلى مؤسسات حديثة. باب آخر هو باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو ما نعرفه اليوم باسم محاربة الفساد.
هذه المهمة الخطيرة وضعوها بيد الحاكم واسندوها إلى الدولة. في الوقت الذي يعلم الجميع أن الدولة بما لديها من أموال وجيش وأمن وشرطة وسلطة هي الأحوج من غيرها لأن تؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ثم مسخوا مسألة الفساد والنهي عن المنكر إلى حدود مضحكة. يقول أحد الدعاة الإسلاميين في كتاب له صدر بعد خروجه من السجن "كنا نتدرب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الجامعة، فإذا رأينا أحدهم يقف مع فتاة، استوقفناه. فإن كانت أخته تركناه، وان لم تكن سألناه لماذا يقف معها ونهيناه عن المنكر". في بعض الدول العربية الإسلامية يساق الناس إلى الصلاة في الأسواق بالعصا تحت عنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن غياب الوعي بمفاهيم الحرية ووضع الدين في خدمة السياسة كما هي الحال في جميع بلدان العالم الإسلامي، وتخلف الوعي بدور مؤسسات المجتمع المدني في الشورى، والتشريعات الفقهية التراثية التي لا مكان فيها لآراء الناس ولا لمصالحهم، هو السبب الكامن وراء ظهور الأصولية الإسلامية السياسية اليوم والحركات المتطرفة التي تتطلع إلى الاستيلاء على الدين والحكم معا. أي دمج المؤسستين الدينية والسياسية في مؤسسة واحدة.
نحن أخيرا بحاجة إلى إصلاح سياسي، وإلى مؤسسات مجتمع مدني، فمجالس الشعب والأحزاب والنقابات والاتحادات والمنتديات والصحف موجودة وتحتاج إلى تفعيل ويمكن تفعليها بإصلاح فكري وديني وثقافي. وإلى خلق الإبداع المتجدد، لتفعيل ما عندنا من مؤسسات موجودة. وأهم هذا التفعيل هو خلق وتفعيل مؤسسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا الخلق لا يكون إلا بالمعارضة السلمية والتي يقف على رأسها الأحزاب السياسية يليها النقابات المهنية وباقي مؤسسات المجتمع المدني. فالدولة هي المؤسسة القابلة للفساد فهي تحتاج لأن تُؤمر بالمعروف وتُنهى عن المنكر. وخير آلية توصل إليها الإنسان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي المعارضة السياسية وحرية الصحافة وحرية التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي. وفي هذا المفهوم، المعارضة وحرية الصحافة هي جزء أساسي من الممارسة الإسلامية وهي تمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان. والدولة الديموقراطية بمؤسساتها المختلفة تمارس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد، أي أنه إن وجدت الدولة مؤسسة خاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي فرع إضافي للأمن. من هذا المفهوم لا يوجد حزب إسلامي وآخر غير إسلامي، أي أن أية جهة ترفض المعارضة وحرية الصحافة وتداول السلطة هي جهة تقف ضد الإسلام كثقافة ومفهوم الحزب الإسلامي هنا لامعنى له. فإذا كان الحزب الإسلامي في السلطة، فهل أحزاب المعارضة لا إسلامية. أي أن علاقة السياسي بشعبه تقوم على المثل العليا الإسلامية التي هي إنسانية شمولية.
أي علينا أن نفصل بين الديني والسياسي ، كما على الحركات القومية اليسارية أن تفصل بين الوطني والسياسي. فإذا أردنا أن نصل بين الدين والسياسة وأخذنا الجانب السياسي في التاريخ الإسلامي نجد فيه الاغتيالات والسجون والحرب الأهلية والسم وقطع الرؤوس مع مؤسسة استبدادية عريقة بقيت على قيد الحياة حتى يومنا هذا. وهكذا نرى أن الدولة العلمانية الديموقراطية هي أحسن دولة يستطيع فيها الإسلام أن يظهر وجهه الحضاري الإنساني.
أما أسس الإصلاح الديني فهي تقوم على الأسس التالية :
1 - تبني نظام معرفي جديد نتعامل معه مع الكتاب والسنة، أي أننا بحاجة إلى قطيعة معرفية مع التراث، لا قطيعة تاريخية. ضمن هذا النظام نعيد النظر في كل آيات الأحكام، وبالذات أحكام القتال الواردة في سورة التوبة والأنفال ومحمد. ونميز بين النص التاريخي وتاريخية النص.ومثال على النص التاريخي ، القصص القرآني (مثال قصة يوسف) فتؤخذ منه مواعظ وقوانين تاريخية، ولاتؤخذ منه أحكام شرعية. ومثال على تاريخية النص (علم المواريث – علم الفراض) فآيات الإرث في سورة النساء ليست نصاً تاريخياً وهذا العلم الذي هو من صنع الفقهاء يحمل الصفة التاريخية وضعه النظام المعرفي المستعمل آنذاك. فما علينا إلا إعادة قراءة هذه الآيات بنظام معرفي جديد لينتج لدينا علم مواريث جديد. أي أنه لايمكن أن يكون هناك أي تجديد بدون أن يكون هناك اختراقات للثوابت التاريخية للإسلام والتي وضعت من قبل الناس.
2 - على ضوء هذه المنظومة نعيد النظر بمركبات الأحكام الفقهية وهي الواجب والمحرم والحلال والمندوب والمكروه. علينا إيجاد تصنيف جديد وتعريف جديد لهذه المركبات وخاصة المحرم على أساس أن الحلال لايحتاج إلى أي بينات أو براهين. وعلى هذه المنظومة تخليص الناس من الشعور بالذنب صباح مساء.
3 - إعادة النظر في أسس الفقه الإسلامي وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وتقديم تعاريف جديدة لهذه المصطلحات الأربعة وخاصة السنة والإجماع والقياس. وإعادة تعريفها يسمح بوجود برلمانات وانتخابات وتعددية.
4 - إعادة النظر في أركان الإسلام والإيمان وتحويل الخطاب الإسلامي إلى خطاب عالمي.
5 - يجب أن لاننسى أن أسس الفقه الإسلامي وكل هذه التقسيمات تم وضع أسسها في العهد الأموي ودونت واكتملت في العصر العباسي، أي أنها تقسيمات تاريخية غير مقدسة.
6 - إلغاء بنود كاملة من الفقه الإسلامي كالقيود التي وردت سابقاً. (مثال باب سد الذرائع وغيرها).
7 - إنشاء فلسفة إسلامية معاصرة وعلم لاهوت إسلامي معاصر (علم كلام معاصر) قائم على أساس أن العمر غير مكتوب والأرزاق غير مقسومة وتضيق وتتسع وأن الأعمار تطول وتقصر. وأن كلمة الله التي سبقت للناس جميعاً هي حرية الاختيار.
8 - إنشاء نظرية في السلطة وفقه دستوري حيث لايوجد في الإسلام التاريخي فقه دستوري وعلاقة السلطة بالناس على أساس العقد الاجتماعي، وأن تعيين السلطان ليس من مهام الله ، وإنما هو من مهام الإنسان. وأن الدعاء (اللهم ولِّ علينا خيارنا ولا تولِّ علينا شرارنا) ليس له معنى.
9 - ترسيخ قيمة الحياة عند الناس لأن رجال الدين خلال قرون نجحوا في إقناع الناس بالنظر إلى الحياة نظرة ازدراء. واستعمل نهاية الحديث (يصيبكم الله بالوهن، قالوا ما الوهن يا رسول الله؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت) (مسند أحمد 21363).
فكل إنسان يحب الحياة ويكره الموت عليه أن يشعر بالذنب. فأصبحنا لا نستغرب القتل الجماعي والمجازر كما لو أنها في وجداننا. وفي حقل الإصلاح الديني الثقافي الدولة هي أضعف حلقة هي في مواجهة المؤسسة الدينية والمجتمع قبل مواجهة الدولة.
وأختم كلامي هذا بالمقولة التاريخية التي تقول (سلطان تخافه الرعية خير للرعية من سلطان يخافها) ورسخت هذه المقولة في وعينا الجمعي. ولكي نبدأ بالإصلاح الديموقراطي في وعي الناس علينا أن نقلب هذه المقولة بشكل تصبح فيه (سلطان يخاف من الرعية خير للرعية من سلطان تخافه) وهذا هو عمل كل الديموقراطيات في العالم حيث السلطان يخاف من الرعية. وعلينا أن نسير تجاه هذا الهدف ونجعله جزءاً من عقيدتنا ووجداننا. وأريد أن أؤكد أن تقديس الحرية ووعي الناس لقيمتها لايأتي بالقوة ولا يفرض، وإنما ينتج عن إصلاح ثقافي ديني. وإن فكرة الديموقراطية بالقوة لاتختلف بالمحتوى عن فكرة المستبد العادل.
والحمد لله رب العالمين.
الثلاثاء، 10 نوفمبر 2009
قل الرّوح من أمر ربي
هل الروح سر الحياه
بين النفس و الروح
ان الظن بان الروح هي سر الحياه هو الذي ابعد الناس عن المفهوم الحقيقي للروح و الذي جاء في ايات الكتاب
فاذا كانت الروح هي سر الحياه فهذا يعني ان البقر و الافاعي و السمك و كل الكائنات الحية من انسان و حيوان و نبات لها روح
و هذا غير صحيح لان الله سبحانه و تعالى نفخ الروح في ادم وحده
و ان ازمة سؤ فهم معنى الروح هي التى اوقعت المسلمين في شرك عدم البحث عن اصل الحياه و اصل الانسان و الانواع على الارض , ظنا منهم ان الروح سر الحياة , و هي من اختصاص رب العالمين , و ذلك ناتج عن خطأ فهم الاية
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
فقط ظن الكثير ان الاجابة هي ان الروح امر لا يخصهم و لا علاقة لهم به
و ان مقولة المترادفات في اللسان العربي جعلتنا نخلط بين النفس و الروح
فالنفس هي ما يقابل بالانكليزي
soul
و الروح تقابل
spirit
و ان الله سبحانه لم يذكر الروح في مجال الحياة و الموت بتاتا و لكن التشابه في ايات خلق ادم , و الارضية المعرفية للسلف جعلتهم يقولون ان الروح هي سر الحياة و هو ما ينسجم مع ارضيتهم المعرفية
و في هذا يكمن اعجاز القران (الجدل بين المحتوى المتحرك و النص الثابت ) و يدلل على ذلك
بالايات
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (2) سورة الملك
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (1) {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} (2) سورة الأعلى
{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (88) سورة القصص
اما الايات التى تحدثت عن الموت
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (145) سورة آل عمران
َ{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (42) سورة الزمر
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (27) سورة الفجر
{{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (89) سورة النحل
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (93) سورة الأنعام
وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (128) سورة النساء
ان النفس هي التى تحيا و تموت و لا علاقة للروح في ذلك
اما الروح فهي التى نقلت الانسان نقلة نوعية من المملكة الحيوانية الى كائن عاقل واع
فادم هو ابو الجنس الانساني لا الجنس البشري اي بدأ التاريخ الانساني الواعي بادم , اما قبل ادم فكان ثمة صنف اخر من المملكة الحيوانية يدعى البشر
ثم اصطفى الله ادم و زوجه من ذلك الصنف ( ان الله اصطفى ادم )
اذا نفخ الله الروح في البشر فتحول الى انسان و لم ينفخ الروح في القرود فبقيت كما هي
و يمثل ذلك بمعادلة
بشر + روح = انسان
فـ كلية الطب تسمى كلية الطب البشري لانها تدرس الانسان من حيث كونه بشرا ( شعر و جلد و عيون ... ) اي تدرس كائنا حيا فقط و في هذا يتشابه الانسان و بقية المخلوقات
و هناك علوم تسمى العلوم الانسانية و هي القانون و الشريعة و السياسة و الاخلاق و الفنون و الادب و الفلسفة و التاريخ
ثم هناك العلوم الطبيعية و هي الفيزياء و الكيمياء
ان العلوم الانسانية هي العلوم التى تنتفي بغياب الانسان , فبدون الانسان توجد الطبيعة و المجرات و بدونه لا يوجد اصلا فقه و لا قانون
يتميز الانسان عن الحيوان بأمرين فقط هما
النتاج المباشر للروح ( المعرفة و التشريع ) - الامر و النهي , فالحرية كانت نتيجة مباشرة للمعرفة و التشريع رديفا للمعرفة
و بنفخة الروح اصبح الانسا خليفة لله في الارض
اما ايات الروح
{يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} (2) سورة النحل
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (52) سورة الشورى
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} (15) سورة غافر
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} (4) سورة القدر
فعندما سئل النبي صلى الله عليه ة سلم عن الروح جاءت الاجابة التالية
هي من اوامر رب العالمين , فقد امرنا رب العالمين بالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة و بر الوالدين و الصدق.....هذه الاحكام لا توجد قائمة في ذاتها و انما مرتبطة بشكل مباشر بالانسان
فاذا ذهب الانسان ذهبت معه , و الاحكام مرتبطة بالانسان العاقل
فالله اعطانا الروح من ذاته و ليس من المادة الكونية المكونة للانسان , و لذلك سمى الاحكام روحا لانها لبست حقيقة مجسمة و انما هي سلوك واع
فالروح لها جانبان ( الاوامر + المعرفة ) و كلاهما لا يعد من المشخصات و المجسمات
و بما ان الاوامر و النواهي يجب ان يستوعبهما الانسان , فيجب عليه ان يمتلك ارضية معرفية معينة حتى يستطيع ان يستوعب الامر , و لا يمكن ان تتم المعرفة الانسانية دون قالب لغوي
فعندما عبر الله سبحانه و تعالى عن نفخة الروح في ادم قال
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (31) سورة البقرة
في هذه الاية مفتاح فهم الروح
عندما ورد السؤال عن الروح جاء الجواب
ُقلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي - اوامر
وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا - معلومات
و كذلك جاءت بقية الايات
و قد سمى جبريلا روحا لانه يقوم بمهمتين ( نقل الاوامر و النواهي , و نقل الحقائق العلمية ) علما ان الاية 86 في سورة الاسراء شرحت تماما معنى الاية رقم 85 فقد اتبع قوله
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
{وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً} (86) سورة الإسراء
فقد شرحت بشكل لا لبس فيه ان الروح المذكورة في الاية 85 هي مجموعة ما اوحي الى محمد عليه افضل الصلاة و السلام
و هل اوحي اليه غير التشريع و العلم
لقد فهمنا سؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم فهما خاطئا , فظننا انهم يسألونه عن سر الحياه ؟ علما بانهم كانوا يسألونه عن الناموس الذي جاء الى موسى و عيسى
حيث ان مفهوم الروح عندهم لا يعني سر الحياه
و بسبب هذا الفهم الخاطئ للروح ابتعد المسلمون مئات السنين عن البحث العلمي في خلق الانسان و اصل الانواع
ان الروح هي القاسم المشترك بين الله و الانسان و ان الانسان فقط له روح
وعندما نفخ الله الروح في ادم فقد أسجد له الملائكة لانه في هذه النفخة اعطاه الخلافة ( حرية التصرف )-فالله يقضي و الانسان يقضي و الله عالم و الانسان متعلم
بين النفس و الروح
ان الظن بان الروح هي سر الحياه هو الذي ابعد الناس عن المفهوم الحقيقي للروح و الذي جاء في ايات الكتاب
فاذا كانت الروح هي سر الحياه فهذا يعني ان البقر و الافاعي و السمك و كل الكائنات الحية من انسان و حيوان و نبات لها روح
و هذا غير صحيح لان الله سبحانه و تعالى نفخ الروح في ادم وحده
و ان ازمة سؤ فهم معنى الروح هي التى اوقعت المسلمين في شرك عدم البحث عن اصل الحياه و اصل الانسان و الانواع على الارض , ظنا منهم ان الروح سر الحياة , و هي من اختصاص رب العالمين , و ذلك ناتج عن خطأ فهم الاية
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
فقط ظن الكثير ان الاجابة هي ان الروح امر لا يخصهم و لا علاقة لهم به
و ان مقولة المترادفات في اللسان العربي جعلتنا نخلط بين النفس و الروح
فالنفس هي ما يقابل بالانكليزي
soul
و الروح تقابل
spirit
و ان الله سبحانه لم يذكر الروح في مجال الحياة و الموت بتاتا و لكن التشابه في ايات خلق ادم , و الارضية المعرفية للسلف جعلتهم يقولون ان الروح هي سر الحياة و هو ما ينسجم مع ارضيتهم المعرفية
و في هذا يكمن اعجاز القران (الجدل بين المحتوى المتحرك و النص الثابت ) و يدلل على ذلك
بالايات
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (2) سورة الملك
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (1) {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} (2) سورة الأعلى
{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (88) سورة القصص
اما الايات التى تحدثت عن الموت
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (145) سورة آل عمران
َ{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (42) سورة الزمر
يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (27) سورة الفجر
{{وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (89) سورة النحل
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} (93) سورة الأنعام
وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (128) سورة النساء
ان النفس هي التى تحيا و تموت و لا علاقة للروح في ذلك
اما الروح فهي التى نقلت الانسان نقلة نوعية من المملكة الحيوانية الى كائن عاقل واع
فادم هو ابو الجنس الانساني لا الجنس البشري اي بدأ التاريخ الانساني الواعي بادم , اما قبل ادم فكان ثمة صنف اخر من المملكة الحيوانية يدعى البشر
ثم اصطفى الله ادم و زوجه من ذلك الصنف ( ان الله اصطفى ادم )
اذا نفخ الله الروح في البشر فتحول الى انسان و لم ينفخ الروح في القرود فبقيت كما هي
و يمثل ذلك بمعادلة
بشر + روح = انسان
فـ كلية الطب تسمى كلية الطب البشري لانها تدرس الانسان من حيث كونه بشرا ( شعر و جلد و عيون ... ) اي تدرس كائنا حيا فقط و في هذا يتشابه الانسان و بقية المخلوقات
و هناك علوم تسمى العلوم الانسانية و هي القانون و الشريعة و السياسة و الاخلاق و الفنون و الادب و الفلسفة و التاريخ
ثم هناك العلوم الطبيعية و هي الفيزياء و الكيمياء
ان العلوم الانسانية هي العلوم التى تنتفي بغياب الانسان , فبدون الانسان توجد الطبيعة و المجرات و بدونه لا يوجد اصلا فقه و لا قانون
يتميز الانسان عن الحيوان بأمرين فقط هما
النتاج المباشر للروح ( المعرفة و التشريع ) - الامر و النهي , فالحرية كانت نتيجة مباشرة للمعرفة و التشريع رديفا للمعرفة
و بنفخة الروح اصبح الانسا خليفة لله في الارض
اما ايات الروح
{يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} (2) سورة النحل
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (52) سورة الشورى
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} (15) سورة غافر
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} (4) سورة القدر
فعندما سئل النبي صلى الله عليه ة سلم عن الروح جاءت الاجابة التالية
هي من اوامر رب العالمين , فقد امرنا رب العالمين بالصلاة و الصوم و الحج و الزكاة و بر الوالدين و الصدق.....هذه الاحكام لا توجد قائمة في ذاتها و انما مرتبطة بشكل مباشر بالانسان
فاذا ذهب الانسان ذهبت معه , و الاحكام مرتبطة بالانسان العاقل
فالله اعطانا الروح من ذاته و ليس من المادة الكونية المكونة للانسان , و لذلك سمى الاحكام روحا لانها لبست حقيقة مجسمة و انما هي سلوك واع
فالروح لها جانبان ( الاوامر + المعرفة ) و كلاهما لا يعد من المشخصات و المجسمات
و بما ان الاوامر و النواهي يجب ان يستوعبهما الانسان , فيجب عليه ان يمتلك ارضية معرفية معينة حتى يستطيع ان يستوعب الامر , و لا يمكن ان تتم المعرفة الانسانية دون قالب لغوي
فعندما عبر الله سبحانه و تعالى عن نفخة الروح في ادم قال
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (31) سورة البقرة
في هذه الاية مفتاح فهم الروح
عندما ورد السؤال عن الروح جاء الجواب
ُقلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي - اوامر
وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا - معلومات
و كذلك جاءت بقية الايات
و قد سمى جبريلا روحا لانه يقوم بمهمتين ( نقل الاوامر و النواهي , و نقل الحقائق العلمية ) علما ان الاية 86 في سورة الاسراء شرحت تماما معنى الاية رقم 85 فقد اتبع قوله
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
{وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً} (86) سورة الإسراء
فقد شرحت بشكل لا لبس فيه ان الروح المذكورة في الاية 85 هي مجموعة ما اوحي الى محمد عليه افضل الصلاة و السلام
و هل اوحي اليه غير التشريع و العلم
لقد فهمنا سؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم فهما خاطئا , فظننا انهم يسألونه عن سر الحياه ؟ علما بانهم كانوا يسألونه عن الناموس الذي جاء الى موسى و عيسى
حيث ان مفهوم الروح عندهم لا يعني سر الحياه
و بسبب هذا الفهم الخاطئ للروح ابتعد المسلمون مئات السنين عن البحث العلمي في خلق الانسان و اصل الانواع
ان الروح هي القاسم المشترك بين الله و الانسان و ان الانسان فقط له روح
وعندما نفخ الله الروح في ادم فقد أسجد له الملائكة لانه في هذه النفخة اعطاه الخلافة ( حرية التصرف )-فالله يقضي و الانسان يقضي و الله عالم و الانسان متعلم
الجمعة، 30 أكتوبر 2009
كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا
هل عرقك عربي ؟؟؟؟
لو تعرفون كم مجدت هذا العرق ، كنت ساذجا حتى أنفقت الكثير من الأموال لشراء تلك الكُتب المُزخرفة من قبل شياطين فرق تسد ، لأكتشف وقبل أن أدخل في الموضوع ان هؤلاء العرب الذين امجّدهم ينقسمون الى عرب عاربه واخرى مستعربه ، وبعد ذلك تجد نفسك أمام شجرة العائلة التي تعود بجذورها الى ما قبل طور ءادم في الجاهلية الأولى ليترسّخ في فكرك مجد غائر في الزيف وغصن من فروعها يّلوح بإسمك في ورقة خضراء ويُحيط بك أقاربك في غصن الشجرة الزيتونية غير المباركه ، الخالية من الزيت والدسم الفكري والمعرفي ، والحقيقة وبعد إنعتاقي من الصّلب على تلك الشجرة وجدت الناس من نفس واحدة فلا وجود لفصيلة دم تُشير الى عرق بشري محدد يختلف عن باقي الناس ذرّية بعضها من بعض ، أما اللغة فشئ مُكتسب يصطلح عليها الناس اي ناس ليسيّروا أمور حياتهم كما نرى العالم حولنا ...هكذا يُشيرالقرءان العربي ..... المهم قوله الحق
" مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا (ج)بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمـِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِئايَاتِ اللَّهِ (ج) وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " الجمعة:5
تكونت هناك امّه وانتظرت شروطا موضوعية للمخاض ثم جاءت رسالة تحفظ الوجود و ترسم الهدف و لكن بدل أن يصبح المجتمع رساليا بتفاعله مع ءايات الكتاب و أن يقود ، تحوّل إلى ما يشبه الحمار ينعق شعارات و لا يدري ما يحمل بل إنّه يجعل الأخر ممن لم يعرف الرسول يفرّ و لا يقترب من الرسول ، فالمجتمع الذي شبّه سيره بالحمار لم يُفلح في تحويل ءايات الرسالة إلى هدى لمعرفة الكتاب بل تجاوزها ظلما ليُعلن أنّه الوحيد الذي توّجه لمخاطبته الرسول و أنّه المختار المصطفى و لم يدر أنّّه حُمّل الرسالة أي حمل واجبا ثقيلا ليوصله للناس و لكنّه عجز وركن الى الارض لأنّه لم يحمل الرسالة بل وأصبح عائقا أمام الأخرين.
لقد أتت التوراة لقوم كان عليهم ان يحملوها فإذا بهم يجعلونها شعارا لتهوّدهم و شعارا لإصطفاءهم من دون الناس و قد اصبحوا بهذه الشعارات أرذل الخلق يختفون بالتآمر و يتحركون بالدسيسة و غارت فيهم الأمراض النفسية حتّى لم يعودوا في ميدان الفاعليه الرساليّة إلاّ كالحمارالذي يحمل الأسفار لمن يحسن القراءة ، هذا إن فعلوا ، و هذا نفسه ينطبق على "الذين حمّلوا القرءان ثم لم يحملوه" فالأيات تُخاطب من يقرأ القرءان كي لا يقع في هذا الوصف الشنيع و يزعم لنفسه بحكم العادة انه المصطفى للحمل ، وهو في الواقع لا يتحمل أعباء هذا الحمل ، و يفر الناس عن الرسول لرؤيتهم عجز من يرفع شعارات الولاية و هو عاجز بائس يُقاد و لا يقود ، و القرءان يخاطب هؤلاء جميعا "شعب الله المختار" و "الفرقة الناجية" و "مستحقي الشفاعة" بمنطق بسيط ليفهم الناس كلّهم منطق الرسالة الروحي :
"قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (6) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْـ (ج) وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (7) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُـــمْ (صلى) ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِـ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8)"
التجمع المتكلس على موروث الأسلاف غير مقبول في القرءان ، فمن يزعم أن موروث أسلافه مفيد "هادوا" فليتوقف عن الحياة إن استطاع و ليمتنع من أستعمال التراكم العلمي و التقني إن استطاع ، أي بتعبير القرءان ليتمنّى الموت و توقف الحركة ، و السلفيون أوّل الناس معرفة أنّ هذا مستحيل ، فمشاريعهم وحياتهم وعيشهم كلّها مبينة على ما أفرزه العلم ، و يحذرهم القرءان من الكذب على النفس و من محاولة تقديم الجثة على أنّها الحل ، فهذا التناقض بين الممارسة و الشعار سيفضي إلى موت حقيقي ثم حساب حقيقي عن هذا التلاعب.
إنّنا في الآيه نعيش غاية الخطاب وهو التحذير من الإنزلاق نحو مجتمع بلا مشروع أو مجتمع مغرور دون بينّة إلاّ إدعاء حمولة الرسالة دون دليل موضوعي يبيّن قيمة الرسالة من حاميلها.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)