هؤلاءٍ أمّتِي وإليهِم أنتمي

دين هو دين الله هو الإسلام و هو شرطه على الناس أن يسالم بعضهم بعضا ، فليس هناك دين إسمه المسيحية و لا اليهودية. فالمسيح دينه الإسلام و موسى دينه الإسلام وأتباع اي نبي من الأنبياء قد يكونوا مسلمين و قد يكونوا ممن يرفع الشعارات و لا علاقة لهم برسالة الأنبياء التي هي واحدة.
رسالة السماء لأهل الأرض لم تتعدد و لم تختلف ، فالدين واحد و الرسالة واحدة
النبي الكريم محمد امتداد لعائلته الكبيرة، عائلة الأنبياء الذين هم مثل الإنسانية العليا بصدقهم و جهادهم لتحرير الإنسان من العبودية للأشياء و الناس و الوقوف مع المستضعفين ، هؤلاء أمّتي و إليهم أنتمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

من الذي صاغ القرءان ..... ؟؟


؟؟؟

اعتبار القرآن ألفاظه حق ينفي أن يورد المفرد و هو يريد الجمع أو يورد الجمع و هو يريد الإفراد أو يورد المثنى و هو يرد المفرد أو الجمع وهذه القاعدة التي تظهر بسيطة في بدايتها سرعان ما تصبح مستحيلة التطبيق عند الأسلاف و من تبعهم لضرورات المذهب العقائدي و الأفكار المسبقة.
و لتوضيح هذا الكلام سأجعل الحديث حوارا بين فردين أحدهما أطلقت عليه إسم "وَرَث" الذي يمثل المفسرين و الآخر "قيَرى" الذي يمثل محاولة قراءة القرآن بألفاظ القرآن نفسها، ويدور حوارهما حول آيات من القرآن سوف أعرضها تباعا و أبدأ بآيات من سورة هود :


هود

قيرى : رسل من جاءت لإبراهيم ؟
ورث : رسل الله؟
قيرى : لماذا قال رسلنا و لم يقل رسلي كما قال :
" كتب الله لأغلبن أنا و رسلي" المجادلة :21 ؟
ورث : أورد الجمع هنا للتعظيم و التفخيم لنفسه
قيرى : كان أولى أن يقول إذن "لنغلبن أنا و رسلي" وهل الله يحتاج لتفخيم الخطاب و تعظيمه و المبالغة فيه، أليس كلامه حقا؟ و أسألك يا ورث، من قائل كل هذه القصة للنبي الكريم إبراهيم ؟
ورث : أولاّ إيراد الجمع مرة و المفرد مرة أخرى قد يكون فيه حكمة خفت علينا، أماّ قائل هذه القصة لإبراهيم فهو الله سبحانه
قيرى : كيف يكون هو الله و هو يقول "يجادلنا في قوم لوط"، هل الله فاطر السماوات و الأرض يُجَادل وهل يعبر عن نفسه بالجمع؟
ورث :قد يكون المعنى أنّ مجادلة إبراهيم للملائكة هي نفسها مجادلة لله إذ هو من أرسلهم
قيرى : كان يجب إذن أن تأتي الصيغة "يجادلهم" الله ما دام هو المتكلم وهل يقول الله لإبراهيم "قد جاء أمر ربك" متكلما عن نفسه بصيغةالغائب؟
ورث : أنا عندي أنّ القرآن كلام الله و خطابه و لا أريد الجدال كثيرا في هذه التفاصيل ويكفيني التصديق بها.
قيرى : القرآن كلام الله ولا يكفي التصديق بل المطلوب هو التدبر و الغوص لفهم ما يحمل من حق و يا ورث واصل قراءة سورة هود و اقرأ معي :


هود

قيرى : من المتكلم بالجمع؟
ورث : الله تعالى مفخما نفسه
قيرى : كيف يكون هو الله و هو يتكلم عن نفسه بالجمع و بصيغة الغائب "مسومة عند ربك" في آن واحد ولا يقول "مسومة عندي" ؟

و لن نواصل هذا الحوار طويلا ف "ورث" سيطلعنا على مراوغات المفسرين و تخريجاتهم و أساليبهم في لي آي القرآن وخلاصة القول أن النص القرآني يغيب في متاهات مذاهبهم الفكرية العقائدية و في رواياتهم التي جعلوها مكملة للنص القرآني و كأنّ القرآن ناقص يحتاج لإحكام آياته من خارج نصه.
و نقف هنا لنبددالزعم القائل أنّ الله يتكلم عن نفسه بصيغة الغائب تنزيها و بضمير الجمع تعظيما و تفخيما على عادة بعض الملوك و لنقرأ :

"و نادى فرعون في قومه قال ياقومـ أليس لي ملك مصر و هذه الأنهار تجري من تحتي، أفلا تبصرون " الزخرف :51
"أنا ربكم الأعلى" النازعات 24
"أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون" النمل :32
"أيكم يأتيني بعرشها" النمل
"ما مكنّي فيه ربّي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما" الكهف :95

و هؤلاء كلهم ملوك (فرعون، بلقيس، سليمان، ذو القرنين) يصيغ القرآن كلامهم بصيغة المفرد فأين ما قاله المفسرون عن عادة الملوك بالحديث عن أنفسهم بصيغة الجمع تعظيما؟
ووقفة مع آية من كتاب الله تُنهي قولنا في هذه المسألة
ولنقرأ :
"و لقد آتينا داوود و سليمان علما، و قالا الحمد لله الذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين" النمل:15
فصيغة المثنى تدل على فردين و لم يأت القرآن بصيغة الجمع هنا مع أنّهما ملِكين، وهذه الآية تجيب عن سؤال من يظن أنّ القرآن يمكن أن يأتي بصيغة الجمع للحديث عن المفرد في قوله :

"يأيها الناس عُلّمنا منطق الطير و أوتينا من كل شيء" النمل :16
ويُفهم من الآية أنّ من عُلِّم ليس فقط سليمان بل أباه كذالك.

فالقرآن يؤكد إحكام عباراته و ألفاظه و بهذا ينبغي أن نقرأه لنصل إلى حقائقه و ندخل إليه كما ندخل مخابرنا. وكلام الله عربي و ليس أعجمي فبنيته دقيقة متقنة لا تختلط فيه لا دلالات الألفاظ و لا صيغها.
و أمّا منهج الأسلاف، إن كان لهم منهج، فقد جعلوا من القرآن خليطا لا ضبط فيه ولا حق. كيف يمكن أن يعبر الله عن نفسه بالجمع و لم يأت في القرآن أبدا :
"سبحانكم"
و لا " الحمد لكم"
ولا " عليكم توكلنا"
و لا "إياكم نعبد"
"لا إله إلاّ أنتم"
....
لماذا لم ينتبه الأسلاف إلى هذه الصيغ و لم يعطوها حقّها من العناية لأنّهم اعتقدوا إبتداءا أنّ المتحدث في القرآن هو الله مباشرة ولم يروا أساسا أنّ القرآن من ملائكة الوحي الموكلين بمسيرة الإنسان خلقا و تعليما و إماتة و بعثا و حسابا وهذا ما نقرأه في القرآن كله لو لاحظنا أنّ عبارات القرآن حق لا مجاز فيها و لا تورية ولا إلتواء. فالملائكة بإجتماعهم كوّنوا روحا تمّ بها إنزال الوحي من ربهم وربّ النبي و من معه من الملأ الأعلى و يكفي قراءة سورة الصافات وهي تصف كيف صيغ القرآن و حُفظ من مركز صياغته إلى إخراجه صحيفة مقروءة للناس. فصياغة القرآن نصا جاءت من الملأ الأعلى و ليس من الله فاطر السماوات و الأرض ولقد أكد القرآن هذا وقرره و لنقرأ:

"قل نزّله روح القدس من ربّك بالحق ليثبت الّذين ءامنوا و هدى و بشرى للمسلمين"
النحل :102

فلو اعتبرنا الله فاطر السماوات و الأرض هو من صاغ النص القرآني فكيف يقول في الآية "من ربّك" بدل "منّي"، ولو جعلنا الملائكة هي من تتحدث في هذه الآية وتشهد أنّ الله ذاتا هو من صاغ النص القرآني و أرسلها به لوقعنا في نفس الإشكال إذ كان يجب أن تقول "قل نزّله روح القدس من ربّه" و ستبقى إذن صياغة "من ربّك" خاطئة الصياغة في الحالتين. فالآية تقول أنّ تنزيل القرآن (نزّل) إلى قلب النبي تمّ بإجتماع ملائكي كوّن روحا هي التي تحفظ نصه من التأثير عليه و هذا التنزيل هو من صياغة رب النبي المكلف به و بصياغة القرآن.

ولنقرأ كذلك في آية سبأ:6 توضيح مباشر لمصدر صياغة القرآن :
"و يرى الّذين أوتوا العلم الّذي أُنزل إليك من ربّك هو الحق و يهدي إلى صراط العزيز الحميد"
و نفس الملاحظة تنطبق على هذه الآية، ففي إعتبار الله ذاتا هو من صاغ القرآن تناقض في صياغة الآية. وليس هذا القول دليلا على إمكانية دجول الخلل في النص القرآني بحكم صياغته من مخلوقات بل هذه شهادة أنّ الله خلق الكون كلمات و كلاما و أنّه خلق مخلوقات عالمة واكبت خلق الكون من إنفجاره.

و هؤلاءالملائكة المدبرين المواكبين لمسيرة الخلق و مسيرة الإنسان بنفخ الروح فيه هم نفسهم من ساير الإنسانية بإرسال الأنبياء و تحضيرهم و بتربية الإنسان و رقيه كي يأخذ على عاتقه وظيفة الخلافة التي من أجلها خُلق و نقرأ وقوفهم مع نوح في محنته :

"و لقد نادانا نوح فلنعم المجيبون" المؤمنون :27

وهذه القوى الملائكية هي ما نجد صورها في أساطير الأمم القديمة منحوتة أو منقوشة عند الأشوريين و السومريين و القبطيين التي عجزنا عن إستنطاقها بطريقة صحيحة لإعتبارنا إياها تخريفا و وهما.
كل هذه الحقائق نجدها في القرآن واضحة لولا ثقل موروث أسلافنا الذي يسيطر على قلوبنا، و من رحمة الله بنا أنّ قراءة القرآن عند عجز الناس عن التفاعل معه تأتي من وحي الملائكة نفسها بما تكشف لنا من علم لتخرج قروء القرآن قرءا قرءا و يستقر نبأها عندها :

"فإذا قرأناه فاتبع قرءانه" القيامة :18

و هؤلاء الملائكة هم نفسهم الذين قالوا في القرآن :
"تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا (63) و ما نتنزّل إلاّ بأمر ربّك، له ما بين أيدينا وما خلفنا و ما بين ذلك؛ وما كان ربُّك نسيّا (64)" مريم

يجب علينا إذن إن أردنا فهم الحق القرآني أن نترك القرآن يتكلم و لا نبيح لأنفسنا أن نتكلم في مكانه و لا أن نسوغ حقائقه وفق مذاهبنا و أفكارنا المسبقة، وعلينا أن نلتزم عباراته و نجعل المفرد مفردا و الجمع جمعا و المثنى مثنى، و أن نرى أنّ ألفاظه حقا لا تمويه فيها و لبس. و أنّه لا يجوز لنا بحال تقدير محذوف في عباراته أو في علاماته بله أن نعتبر فيه حروفا أو ألفاظا زائدة.


ج ـ هل قطع النبي الكريم محمد أشجارا مثمرة عمدا ؟


القارئ لكتب السيرة و التراث الحديثي يجد أنّ النبي الكريم يُتّهم بقطع أشجار مثمرة في إجلاءه ليهود بني النضير و جاء هذا الإتهام في روايات أراد منها أصحابه شرح ما جاء في أوائل سورة الحشر إن أحسنّا بهم الظن أو أرادوا إتهام النبي بالوحشية إن ساء ظنّنا بهم و لنقرأ :


الحشر

لنترك القرآن يسرد لنا حقائقه بنظمه في تنازعنا مع الروايات التي تتهم النبي الكريم بقطعه للأشجار المثمرة.
اعتبر الرواة و المفسرون أنّ "لينة" هي شجرة التمر المعروفة (النخلة وجمعها نخل) أو اعتبروا "لينة" وصفا للنخلة فهل هذا صحيح؟
ورد لفظ "النخل" في القرآن 13 مرة و هذه المرة الوحيدة التي ورد فيها النخل بلفظ "لينة" بالمفرد حسب المفسرين. ونسأل المفسرين و الرواة لما أضاف القرآن عبارة "قآئمة على أصولها" و هي إضافة لا داع لها إن اعتبرنا أنّ "لينة" هي نخلة إذ كان يكفي أن يُقال "ما قطعتم من لينة أو تركتموها فبإذن الله".
و نسأل لما أضاف "على أصولها" إلى قائمة لو كان المقصود ب "لينة" النخلة وكان يكفي أن يقول "قائمة" دون إضافة "أصولها" التي هي حشو عبارات بهذا الفهم لدليل لفظ "لينة" و هل هناك نخلة تقوم إلاّ على أصلها؟

و نختم أسئلتنا التي تأتي على إتهامهم من أصله فنقول: "لينة" مفرد فلماذا قال "أصولها" بصيغة الجمع بدل "أصلها" بالمفرد و قد جاء القرآن في بلاغ آخر بصيغة المفرد :

"كشجرة طيبة أصلها ثابث و فرعها في السماء" إبراهيم :24

إنّ ما روته الروايات و ما سطره أصحاب السير في أحداث إجلاء بني النضير لا يستقيم مع الآية القرآنية أبدا و من أي جهة أخذته وجدته يتناقض مع البلاغ القرآني فماذا يقول القرآن و عن ماذا يتحدث ممّا غاب عن الأسلاف رؤيته.

الآية و بكل بساطة تقول أنّ الذي لا يقوم على أصله يُقطع من جذره، فمن هو الذي لا يقوم على أصله :

ـ خائن الوطن بترك الدفاع عنه أو محالفة العدو عليه أو الإفساد فيه
ـ خائن العهد الذي وقع على ميثاق ثمّ خرقه

و هذا ما يؤكده القرآن بوصفه لهذه "لينة" ب "الفاسقين الذين تحددهم هذه الصفات :
".. وما يضل به إلاّ الفسقين (26) الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه و يقطعون مآ أمر الله به أن يُوصل و يفسدون في الأرض؛ أولئك هم الخاسرون(27)" البقرة

يهود قوم النبي الكريم موسى في يثرب التي أصبحت بمجيء النبي إليها "المدينة" بفعل الميثاق المديني فيها بين أهلها و النبي، هؤلاء اليهود لديهم كتاب منزل يمنعهم من التآلب على من موالاة الكافرين المعتدين على أبناء وطنهم الصالحين المصلحين و يحرم عليهم الغدر، ولكنهم خانوا هذه الأصول و كفروا بها فهؤلاء قطعوا أصولهم بأيديهم، والقرآن يشير أنّ هؤلاء اليهود أصولهم عريقة في المنطقة و سماهم "لينة" التي من أقرب مشتقاتها "لون" في البلاغ المبين، و لون البشرة علامة الأصل الجغرافي للإنسان في كل بلد، و هؤلاء اليهود إذا عريقون في المنطقة و ليسوا دخلاء كما ظنّ الناس بفعل حملة الكهنوت اليهودي من قوم النبي الكريم موسى و ترويجه فكرة تواجده الأولي في بابل ثمّ في بلاد النيل، والحقيقة أنّ يهود يثرب ممن عادوا النبي هم أقلية إذ أغلبية يهود يثرب أسلموا و حنفوا و ناصروا النبي الكريم و نصروه و على رأسهم رئيسهم الفيديرالي عبد الله بن أبي بن سلول. و القرآن يحدد أنّ أصولهم تنحدر من الجزيرة لا غيرها. هؤلاء اليهود خانوا وطنهم و خانوا كتابهم و خانوا عهودهم فاستحقوا القطع، ويشير القرآن إلى ترك "لينة" أخرى لم تُقطع و هم يهود بني قريظة و التي كانت تهيأ لعمل الخيانة و أرجأها النبي الكريم علّها تعود و انتهت هي كذلك كأختها في مستنقع الخيانة و انتهى أمرها قطعا بإجلائها.

القرآن هو الحق كله في حركة ألفاظه و نظمه و علاماته التي تتحرك حيّة لترسم المشهد الحق، فألفاظه حق لا مجاز فيها و لا لبس و لا تمويه و عباراته محكمة لا محذوف فيها و لا تقدير و لا زيادة و علاماته تنهي رسم المشهد بكامله و صيغه وُضعت بحق دون مبالغة أو إرادة تفخيم و تعظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق