هؤلاءٍ أمّتِي وإليهِم أنتمي

دين هو دين الله هو الإسلام و هو شرطه على الناس أن يسالم بعضهم بعضا ، فليس هناك دين إسمه المسيحية و لا اليهودية. فالمسيح دينه الإسلام و موسى دينه الإسلام وأتباع اي نبي من الأنبياء قد يكونوا مسلمين و قد يكونوا ممن يرفع الشعارات و لا علاقة لهم برسالة الأنبياء التي هي واحدة.
رسالة السماء لأهل الأرض لم تتعدد و لم تختلف ، فالدين واحد و الرسالة واحدة
النبي الكريم محمد امتداد لعائلته الكبيرة، عائلة الأنبياء الذين هم مثل الإنسانية العليا بصدقهم و جهادهم لتحرير الإنسان من العبودية للأشياء و الناس و الوقوف مع المستضعفين ، هؤلاء أمّتي و إليهم أنتمي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

حادثة الاسراء وماهية الرب

في هذا البحث أحاول أن أبقى حبيس المنهج الذي أرتضيته لنفسي في قراءة القرءان و أن أسير بالسقف المعرفي المعاصر في ما فتح عليناالراسخون في العلم من نوافذ، وأعني بهم علماء الميت (الفيزياء) و علماء الحي (البيولوجيا) في محاولة لتأويل جزء من سورة النجم.

موضوع سورة النجم هو ماهية صائغ التنزيل، الرّب المكلف بصياغة كلام الله ألفاظا مرسومة.و هي توضح ماهيته و تقارن بالأرباب الصغيرة التي يتشبت بها الناس من اللاّت و العزى و منواة الثالثة الأخرى و كلّ هذه الأرباب أسماءا و ليست ألقابا. وهي تصور في وحدة موضوعية خارقة الفروق بين ماهية الموجودات الملائكية و بين ماهية الرّب و هي تؤكد أنّ الإتصال بالمخلوقات العليا أو بأي نوع من المخلوقات التي يتشبت بها الناس لا يعني إمكان إتخاذهم مدافعين، بل حتّى الشهادة لن تُسمح لهم إلاّ وفق سنن الله الموضوعية التي تمنع أن يمر الظالم و يُجرَّم المحسن :

"و كم من ملك في السماوات لا تُغني شفاعتهم شيئا إلاّ من بعد أن يأذن الله لمن يشاء و يرضى"

و الأية توضح أنّ النهاية هي للعمل و ليس لأمر أخر و هذا سبيل كل نبي في توضيح إستقلاله كفرد عن الرسالة فإتصاله لا يعني أبدا أن يعمل ما يشاء :

"أم لم ينبّأ بما في صحف موسى (36) و إبراهيمـ الذي وفّى (37) ألاّ تزر وازرة وزر أخرى (38) و أن ليس للإنسان إلاّ ما سعى (39) و أنّ سعيه سوف يُرى (40) ثمّ يجزاه الجزاء الأوفى (41)"
النجم

ليس هدف الإتصال بالرّب الإتصال نفسه و ليس غاية تنزيله الإنكفاء حول هذا التنزيل بل الغاية هي إضطلاعنا بمهامنا :

"أفمن هذا الحديث تعجبون (59) و تضحكون و لا تبكون (60) و أنتم سامدون (61) فاسجدوا لله و اعبدوا (62)"
النجم

فالسورة في القرءان وحدة موضوعية، و ما يظهر لأول وهلة تتابع دون ارتباط ما هو إلا وهم بصري عندما تنكشف دلالات الألفاظ و إحكامها، فلا انقطاع في السياق و لا عفوية في تتابع الآيات و لا خروج عن الموضوع.

لنبدأ الغوص في البلاغات:



رسم النجمـ بالميم الناقصة يشير إلى اتصال ظاهرة و كأنّ الميم الناقصة تشير إلى حدث مستمر ننتظر إتمامه.

الهوى مفهوم متعلق بتركز الشيء و إنحساره و كل نجم يهوي حتما و أداة "إذا" تعبر عن هذه الحتمية، و لنركز الآن في صيغة الأية:
"و النجمـ إذا هوى"
لنقارنها بالصيغ التالية :
"إذا هوى النجمـ" (1)
"إذا هوى النجم" (2)
"إذا النجمـ هوى"(3)
"إذا النجم هوى" (4)

الفرق بين هذه صيغة الأية و هذه الصيغ هي أنّ الآية تشير إلى أنّ هوى النجم له ما بعده و نهاية هوى النجم تتبعه ظواهر أخرى سيتم تفصيلها فيما بعد.

فالصيغة (1) تعبر عن أنّ هوى النجم عمل مستمر و هذه الصيغة بالميم الناقصة تعبر عن متابعة الظاهرة أي أنّنا أمام صورة النجم و هو يهوي على نفسه بفعل قوى الجذب الهائلة.
و الصيغة (2) تعبر عن حتمية هوى النجم و أنّ هذه الظاهرة ستقع حتما في أي نجم وهذا لورود النجم بالميم الكاملة.
إنّ الصيغة(3) نجدها في البلاغ المبين في سورة التكوير:
"إذا الشمس كوّرت (1)و إذا النّجوم انكدرت (2)
و إذا الجبال سيّرت (3) و إذا العشار عطّلت (4)
و إذا الوحوش حشرت (5) و إذا البحار سجرت (6)
و إذا النفوس زوّجت (7) و إذا الموءدة سئلت (8)"
التكوير
وهي تعبر أنّ تكوير الشمس و انكدار النجوم و تسيير الجبال و ...و لم يأت من تلقاء السنن العادية التي تحكم هذه الظواهر بل جاء نتيجة لظواهر أخري. فصيغة " إذا النجمـ هوى" تعبر عن هوى النجم وهو يهوي ليس بفعل نفاذ وقوده كما هو معروف بل بسنّة أخرى علينا بحثها في السياق.
أمّا الصيغة (4) فهي تصور هوى النجم المستقبلي الحتمي بفعل سنة أخرى غير نفاذ وقوده.

وعلينا التنبيه أنّ الواو في الأية :
"و النجمـ إذا هوى"
ليست الواو للـ "قسم" و كأنّ من صاغ يشك في ما يقول بل الواو تعبر أنّ هوى النجم له ما قبله، فهذا الحدث ليس آنيا و لا لحضيا بل صيرورة طويلة نتيجة نفاذ وقود النجم النووي.
و لكن ما هو النجم في القرآن؟

النجم جرم مضيء بحكم أنّنا نهتدي به :
"و هو الّذي جعل لكم النّجوم لتهتدوا بها في ظلمات البّر و البحر، قد فصلنا الأيات لقومـ يعلمون"
الأنعام: 97

النجم في البيان المبين ليس مرادفا للشمس بل هو جرم متميز عنها و إن كان كلاهما يضيء بفعل الإنشطارات النووية في قلبه فقد جاء لفظ النجوم معطوفا على الشمس في الآيات التالية و في غيرها:

"..و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره.."
الأعراف:54

"و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره.."
النحل:12
".. و الشمس و القمر و النجوم و الجبال و الشجر و الدواب.."
الحج :18

فالنجوم وحدها هي التي تطمس:
"فإذا النجوم طُمست"
المرسلات
و مجيء النجوم بالميم الكاملة يعني حتمية هذا الحدث.

و النجوم وحدها هي التي تنكدر :
"إذا الشمس كوّرت (1) وإذا النّجوم انكدرت(2)"
التكوير

و هنا نرى إستحالة الوصول إلى عمق البلاغ المبين دون دراسة الكتاب و إن كانت رؤية البلاغ المبين لمن يفقه بنيته يفتح الأبواب على فرضيات البحث. فاشمس تكوّر أي تتحول إلى جرم متناظر تماما و بتعبيرنا تتحول إلى كرّة قطرها ثابث في كل إتجاه و بتعبير الفيزيائيين فإنّ الشموس أي الأجرام المضيئة التي كتلتها في حدود كتلة شمسنا و ثلاث مرات كتلتها فحين تهوي تتحول إلى نجم ثاقب مكوّن من نوترونات تقترب سرعة دوارنه من سرعة الضوء Pulsar أو إلى قزم أبيض Nain blanche

أمّا النجوم فهي تنكدر و تطمس أي ينمحي ضوءها و تصبح لا تُبصر و ببساطة فالنجوم وحدها هي التي تتحول إلى "ثقب أ سود" أو ما يسميه الفيزيائيون اليوم : black hole أو trou noir بالفرنسية.

و بتحوله إلى ثقب أسود يُطمس النجم و ينكدر فلا يبصر إذ حتى الفوتونات (جزيئات الضوء) تسجن داخله بفعل جاذبيته الهائلة. و ورود الألفاظ التالية في سورة النجم و سياق الأيات:

"الأفق الأعلى"
"سدرة المنتهى"

لا يترك لنا شكا في أنّ المراد بالنجم هو كل ما يتحوّل إذا هوى إلى ثقب أسود. فليس هناك موجود في كوننا يحمل أفقا مبينا أعلى (لا متناهي) إلا الثقب الأسود فمن يتواجد في أفق الثقب سيرى أفقا لا متناهيا مظلم أمّا حدود هذا الأفق لبصر خارجي بعيد عن الأفق فهي مرتبطة بكتلته، فكلما كانت كتلة الثقب كبيرة كلما اتسع حد الأفق و سهل إبتلاع و كنس كل من يقترب من حدود الأفق.
و أما السدرة المنتهى فهي نقطة تركيز كتلة الثقب الأسودالتي لا تتجاوز مسافة بلانك
0001 000 000 000 0000 000 000 000 000 000 000, 0 متر

و قد تظهر هذه المعلومة النظرية مستحيلة بالنظر لتجربتنا الحسية اليومية، إذ كيف يعقل أن تتركز كتلة تبلغ مئات بل ملايين كتلة شمسنا في حجم يقترب من الصفر !!
إنّ ما يحدث في الثقب الأسود لا علاقة له بتجربتنا اليومية، فمفاهيم الزمن و المسافات تذوب كما يذوب الجليد و تبقى الوسيلة الوحيدة للإقتراب من الصورة رياضية بحتة و ذلك بالإستعانة بميكانيك الكم التي بنيت أسسها على نظرة رياضية بحتة.
و قد حاصرنا البلاغ المبين في قوله "إذ يغشى السدرة ما يغشى" ليعبر عن انجذاب أي موجود داخل الأفق إلى السدرة في حركة نحو المركز ليعطي للفظ السدرة مدلوله، و هنا نلاحظ ثانية إرتباط دلالة اللفظ في البلاغ المبين بدراسة الكون و معرفته، فدون هذا الإرتباط بالكون و معرفة سننه يستحيل ضبط مفاهيم ألفاظ القرءان و معرفة بنيته اللفظية.

و قد جاء القرآن بوصف لماهية الثقب الأسود في سورة التكوير :



إنّ ماهية هوى النجم حددت هنا بتفاصيلها فالنجم الهاوي يخنس و مع تحوله إلى ثقب أسود يكنس كل ما حوله ممن يقترب من أفقه. فالآيات تشير بوضوح أنّ رؤية الرّب تمت في الأفق المبين أو قريبا منه "قاب قوسين أو أدنى" إذ الافق يتمدد و يتوسع حسب ما يغشاه من المادة و ما يمتص مما حوله من مادة. فما رآه النبي هو ماهية الرّب تحديدا في حدود في الأفق المبين.
الثقب الأسود يفرز حول أفقه حقلا مغناطيسيا عظيما جدا يبلغ :
000 000 000 000 000 000 1 الحقل المغنطيسي الأرضي في المتوسط ، و قد يكون هذا الحقل هو سبب ظهور الرّب على هيئته:



رمز المد الموجي ~ في أوحى الأولى يشير إلى إتصال هذا الوحي و كأنّ صورة الرّب و ماهيته لم تكن مستقرّة إلى أن استقرت الصورة في فؤاد النبي بفعل "أوحى" الثاني دون رمز الإتصال الموجي و بقي النبي مشدودا إلى صورة سيدِّه شدّ العبد إلى سيدّه.

لنبي الكريم كان عبد ربّه في هذه الرحلة خاضعا لشروطه لا إختيار له فهو من هيأّه للرحلة بتركيب بصر "علّمه شديد القوى" و هو من أسرى به و هو من أوحى إليه ما رءاه وهو من أراه الأيات الكونية الكبرى.

رؤية ماهية الرّب تمت مرة ثانية رؤية و ليست إبصارا و بعدها رحلة العودة إنطلاقا من حدود الأفق إلى عمق الثقب الأسود "السدرة المنتهى" لأخذ طريق العودة إلى الكوكب الأزرق الأرض ثانية و هو ما تسميه السورة "المسجد الحرامـ " بالميم الناقصة على الميم للتأكيد على سعة المكان كما سنرى لاحقا. و أي جمال أكبر من هذا التعبير الحق :
"نزلة أخرى"
"سدرة المنتهى"
و في هذه النزلة تمت رؤية الرّب بصورة واحدة المشار إليه بفعل رأى (2) عكس المرة الأولى التي استمرت الرؤية لصور لهيئات متعددة متصلة للربّ قبل أن تستقر الصورة في عمق الثقب الأسود للرّب المشار إليه بفعل رأى دون رمز المد الموجي(1) تأكيدا للعبارات السابقة "فأوحى إلى عبده ما أوحى" و هو تعبير أنّ الظاهرة قويّة جدّا و أنّ هناك وقت تأقلم حتّى يبصر النبي الكريم ببصره الذي عُلّمه هيئة الرّب المستقرة :



و لكن ثمة سؤال محير ، إذ كيف يعقل أن يرى النبي الكريم الرّب و هو داخل الأفق حيث يستحيل الإبصار ؟
إنّ الآية تقول أنّ هذا الإبصار تمّ في الأفق و في داخل سدرة المنتهى و تجعلنا نعيد النظر في فهمنا لميكانيزمات الإبصار داخل الثقب الأسود فما سطرته الأية أنّ هذا الإبصار حقيقي و لم يحدث للنبي إرتباك بصري و لا وهم بصري :
"ما زاغ البصر و ما طغى".

البصر في القرءان وسيلة الإبصار و ليس هو العين حصرا، بل العين الحاسة عند الإنسان هي بصر من وسائل الإبصار إذ البصر قد يكون تلسكوبا أو ميكروسكوب أو نانوسكوب. و نعود إلى سورة النجم لنرى المقصود بالبصر المعبّر عنه بأل التعريف :

"ما زاغ البصر و ما طغى"
النجم:17

آيات النجم تقول أنّ النبي لم يكن حالما و لا نائما في هذا السفر بإيراده لفظ البصر و تختم الآيات هذا السفر بلفظ "لقد رأى من آيات ربِّه الكبرى". و لفظ رأى لا يعبرّ أنّ الإبصار حدث بحاسة العين مباشرة، إذ رأى في البلاغ المبين لفظ يتجاوز الحاسة إلى عمق الذات فهو لفظ من أفعال الذات (القلب بتعبير القرءان). إنّ البلاغ المبين لا يشتت سبل المعرفة و الوصول إليها و إن ظهر سبيل الحق مستعصيا لأول وهلة، فالقرآن لا يترك لنا إلاّ سبيلا واحدا في النهاية و لكنّه يكشف لنا في طريق بحثنا عن حقائق كثيرةمستبطنة تحملها آياته. فالمقصود بالبصر في الآية هو وسيلة إبصار خاصة هُيِّء لها النبي تهييئا لرؤية الآيات الكبرى الواضحة المستقرةالمتتابعة. الواضحة بوجود الألف الوتدية فوق الألف المقصورة في لفظ "كبرى"، و المتتابعة المتصلة بوجود رمز الإتصال الموجي فوق الألف الوتدية في نفس اللفظ. و بإتضاح هذا المعنى نكتشف أنّنا لم نتفاعل مع الآيات كما ينبغي إذ لو قرأنا آيات النجم ثانية من البداية لوجدنا أنّ هذا التهييء بدأت به الرحلة المعجزة من بداية السورة في قوله تعالى :
"علّمه شديد القُوى"
النجم:5
علّم في لغة البيان المبين هي وضع علامات لمن يُراد تعليمه، و قد تكون هذه العلامات جينية تسمع للإنسان بالتهيؤ لإستقبال العلم المحيط به في الكون الفسيح و العلم المبثوث في الآيات المنزلة في القرآن. فالإنسان يحمل برنامجا في ذاته و في نفس الوقت يحمل برنامج قراءة البرنامج (معلّم).
هذا المعنى الذي ذهبت إليه و استقر في ذهني بعد استقراء مجموع الآيات التي تورد شجرة ألفاظ علّم بدأ إشعاع معناه في الآيات التالية :



فالجوارح هي كل ما يجرح و قد تكون بهائم من جنس الكلاب أو آلات روبوتية فهي تعلََّم حتى لا تنقض كلِّية على فريستها و تكتفي بصيدها و تعليمها يتم إما بالتدريب أو بوضع أليات مانعة.
فالنبي عُلّم من القوى الملائكية التي صاحبته ببصر خاص قبل بدء رحلته إلى أفق الثقب الأسود نزلة ثم دخول إلى عمق الثقب الأسود "سدرة المنتهى" و عودة إلى المسجد الحرامـ في نزلة أخرى. و تتحدث السورة عن وسيلة إبصار الرّب و من جهة أخرى الحديث عن غاية الإبصار و بلوغه المقصد بالرؤية لتصور لنا الآيات اقتران هذا البصر الوسيلة بالنبي. أتراه وسيلة تقنية عالية أم تراه تهييء للنبي من داخل جسمه أم تراه شيئا آخر ؟ . هذا ما نترك الجواب عليه لمن يغوص أعمق في البلاغ المبين.

لن نختم موضوعنا دون أن نتطرق إلى آيات سورة الإسراء لتكتمل الصورة. و اكتمال الصورة لا أعني به نقصها في بقية ما عرضناه من آيات بل القرآن يثبث لنا انّ هذا التنجيم و التفريع للظاهرة الواحدة في كتاب الله هو شهادة على علو القرآن و استحالة مماثلته. ذالك أنّ أي كاتب يغامر بهذه الطريقة في تنويع تصوير الظاهرة الواحدة بطرق متنوعة يسقطه في الإختلاف و التناقض. و رأيي الخاص أنّ هذا التنوع في إيراد الظاهرة الواحدة من بين غايته تنبيه القارئ لوجود بنية رياضية في البلاغ المبين. و لندخل الآن عالم سورة الإسراء الفسيح :



قد سطرتُ لفظة "المسجد" متألمّا ذالك انّ هذه اللفظة سرى في دلالتها التحريف في مؤلفات قوم النبي الكريم في صحائفهم و مقولاتهم دون وعي. لقد جعلوا دليل المسجد هو المنسك تحديدا و قبل ذالك لغوا لغوا باطلا في دليل لفظ الصلاة في البلاغ المبين إذ جعلوه مرادفا للشعيرة التعبدية المعروفة بيننا لا تتعدّاها (أنظر بحث "الصلواة شعيرة أو مفهوم").
ومع تحريف لفظة مسجد، تحوّل دليل لفظ "المسجد الأقصا" في البلاغ المبين إلى المنسك المبني في أرض إلياء بعد وفاة النبي الكريم و إنزال القرآن، و لفظة "أقصا" وحدها تنفي هذه التسمية إذ إلياء ليست أقصى الكون و لا طرفه ولا مبرر لوصفها بالأقصى فكيف تحولّ "بيت المقدس" إلى مسجد أقصا ؟.
ومع أنّ هذا البحث ليس تاريخيا إلاّ أن سبب تحويل الإسم يرجع إلى الخلافات السياسية بين عبد الله ابن الزبير و عبد الملك ابن مروان في صراعهما الدموي للإستيلاء و التحكم في الحرم المكي الكعبة و فرض البيعة على الحجاج .
إنّ كاتب هذه السطور قد يُتهم بالخيانة للقضية الفلسطينية و محاربا للمقدسات، فليكن. فكاتب هذه السطور لا يعرف الخطاب السياسي و لا يحسنه و يتركه لمن يحسنه. أقول إذن و أؤكد أنّ البلاغ المبين حق فلا تختلف آياته، فآياته أُحكمت إحكاما و فصلت و ألفاظه وُضعت لتؤدي معنى لا غير و إن جهله الناس ووقفت تأويلاتهم عند حدًّ معين بحكم مستوى التراكم المعرفي الموجود عندهم.
المسجد الحرام ليس البيت الحرام ولا المشعر الحرام. المسجد ليس المنسك و لا الجامع، و لا الركوع هو السجود. و رأيي الذي أدافع عنه هو أنّ ألفاظ البلاغ المبين تفهم من داخله ووفق بنيته اللفظية التي لم تدرس بعد.
و لنعد لموضوعنا لنغوص في معنى السجود.
كل الموجودات تسجد لله و تسبح له في تفاعل لا تتداخل فيه، فكلها تُصلي (تتفاعل و لا تتداخل و هذا هو معنى الصلاة في البلاغ المبين) على بعضها، و في دلالة التسبيح الحركة و التغير حتى الهلاك :

"ألمـ تر أنّ الله يسبّح له من في السماوات و الأرض و الطير صافّات، كل قد علم صلاته و تسبيحه، والله عليم بما يفعلون"
النور:41

فالتسبيح و السجود يخص كل المخلوقات بما في ذالك الكائنات التي تظن أنّها تفلت من سنة السجود :



(ملاحظة : لم أسطر شيئا في الآيات السابقة و إنّما السطور في أصل البلاغ المبين)

لا يفلت إذن مخلوق من قانون السجود و العجب ان يحصر السجود في حركة جسمية خاصة و محددة او يُدّعى أن معنى السجود هو التذلل والخضوع وكأنّ التنفس ليس خضوعا.

فالتسبيح في لغة القرآن هو قانون تجديد الطاقة التي تخضع له جميع المخلوقات:

"فسبحان الله حين تمسون و حين تصبحون"
الروم 30/17

فالناس يجدّدون طاقتهم حين الركون إلى النوم في المساء لينطلقوا في الصباح و هذا ما لا ينبغي على الله المعبّر عنه في الآية ب "سبحان"، فهو المسؤول عن سنة التسبيح للكائنات و لا تجري عليه هذه السنّة مطلقا.

و سُنّة السجود هو قانون و برنامج سير الكائنات و تفاعلها فيما بينها ضمن القوانين الموضوعية.هذه القوانين تضبط حركة الكائنات و كأنها قوانين أزلية ليُيسمح لنا بمعرفتها و دراستها إذ لو كانت السنن تتحول بشكل طفري و سريع لاستحالت معرفتها.

أشير إلى قضية لها أهميتها في تحديد دلالة السجود و مشتقاته و هي مسألة تسطير الآيات التي يرد فيها السجود. فليست كل الآيات الواردة فيها لفظ السجود مسطرة، فالآيات التي ذكرت فيها قصة نفخ الروح في آدم و امتناع إبليس من السجود لم تسطّر :

البقرة :34
الأعراف :11
الحجر :30
الإسراء :61
الكهف :50
طه :116
ص : 73

وقد يُظّن أن عدم تسطير لفظ السجود في هذه الأيات راجع إلى أنّها خبرية تقرر و تقص ما حدث و لم يرد فيها أمر بالسجود حتّى تُسطر، و هذا غير صحيح إذ وردت آية في القرآن تأمر مريمـ بالسجود دون أن تسطر

أل عمران :43

ووردت كذالك آيات في البلاغ المبين ورد فيها ذكر السجود تقريرا و خبرا و مع ذالك سُطرت :

الرعد :15
النحل :49
الحج :18

و قد يقال أنّ هذه الآيات التقريرية وردت بصيغة "يسجد" التي تفيد الإستمرار و الإتصال من بداية خلقها، و هذا الإعتراض غير صحيح كذالك بدليل الآية التالية التي لم يسطر فيها فعل السجود :

"و النجم و الشجر يسجدان"
الرحمان 55/6

نحن مطالبون بدراسة كل الإحتمالات و محاولة الإجابة على كل التساؤلات و مجانبة طرق الجدل للدخول في طريق البحث، فالبلاغ المبين ينيرنا و لا ننيره و يرفع عنّا الأوهام و يحملنا إلى أعلى و لا نحمله، فمحاولات التمويه و الهروب لا تفيدنا في شيءإلاّ في تشويه مفاهيم القرآن بالظن. و نختم هذه الملاحظات الإبتدائية بالإشارة أنّ الآيات المسطرة تقترن برمز السهم الموّجه نحو أعلى



و قد يقترن إيراد هذا الرمز مع التسطير في نفس الآية:
(7/206؛19/58؛22/77،18؛25/60؛32/15؛53/62؛84/21؛96/19)
و قد يأتي إيراد الرمز في الآية التي تلي التسطير :
(16/49؛27/25؛41/37) أو بعد آيتين (17/107).
و قد يسطر لفظ السجود فقط :
(7/206/22/77؛25/60؛96/19)
و قد يُسطّر لفظ واحد مع لفظ السجود(خرّوا؛الله؛له؛لا) :
(13/15؛16/49؛19/58؛22/18؛32/15؛41/37؛53/62؛84/21)
أو يُسطر مع لفظ السجود لفظين :
(17/107؛27/25)

إنّ ما سبق يؤكد دون الحاجة إلى الغوص أنّ السجود و فعله لا يدل على حركة جسمية حصرا بل يمكن إعتبار هذه الحركة المتعارف عليها أنّها صورة حسية بسيطة لمدلول السجود في البلاغ المبين إذ لو كانت الحركة هي المقصودة لما أتت منفصلة عن رمزها (رمز السهم أعلاه) و لما سُطّرت ألفاظ أخرى معها و قبل هذا لأتت مسطرّة في كل آن في البلاغ المبين. إنّ تسطير لفظ السجود أو عدم تسطيره ليس اعتباطيا إذ هو الوحيد الذي أتى تسطيره في البلاغ المبين بهذه الكثرة مع لفظ الركوع الذي سُطِّر مرّة واحدة (ص 38/24) و لم يُسطر غيرهما من ألفاظ البلاغ المبين.
أتُرى أنّ "كتبة الوحي" هم من سطروا هذين اللفظين في آيات و نسوا تسطيرهما في الآيات الأخرى؟ أم تُراهم سطّروا ألفاظا إضافية مع لفظ السجود سهوا و غفلة ؟ أم تراهم وتلك مشكلة كبرى سطّروا لفظ السجود و قد سُبق بلام النفي (84/21)؟
الناس لا يدركون و لم يقتنعوا بعد أنّ القرآن نزل على قلب النبي خطّا و لفظا و أنّ النبي الكريم هو من خطّ القرآن بيده بوحي ربّاني مبثوت في قلبه و يستحيل أن أحدا شاركه في هذا و أقصى ما تمّ أنّ النساخ بعد وفاته نسخوا من نسخة النبي الأصلية و للشاك فيما أقول أسأله أن يبصر الرسم القرآني بتمعن.

الكائنات برمتها إذن تسجد لله :



و معرفة ماهية سجودها يحتاج إلى بحث و معرفة بدليل (ألمـ تر). فالرؤية تتجاوز حدود الإبصار إلى المعرفة القلبية و لا يمكن تصور سجود الكائنات في هذا الكون الفسيح بتنوعها بالحركة الجسمية التعبدية.
سجود الكائنات هو حركتها وفق برنامج مودع فيها. السجود إذن حركة وفق برنامج مودع في الساجد. فالكائنات تسجد بفعل برنامج مودع فيها (القوانين الموضوعية)، فالشمس و القمر و النجوم تسجد بحكم برنامج هداية مودع فيها تسير بمقتضاه والملائكة تسجد للإنسان بحكم البرنامج المودع فيها لتسمح لنا بمعرفتها و الإنسان يمكنه أن يسجد لبرنامج نفخ الروح المودع فيه شأنه شأن تنزيل الويندوز في الجهاز و قد يُشغّل البرنامج أو يبقى حبيس الرفوف، فبرنامج نفخ الروح فينا على أي حال ينتظر التشغيل. هذا البرنامج يطالبنا المولى لتشغيله و السير وفقه:



فمجتمع الأمن و الأمان بمختلف تصوراته و عقائده و لغاته(الذين آمنوا) مطالب بالتواضع في التعامل مع من حوله(اركعوا) و السير وفق منهج نفخ الروح (اسجدوا)الذي هو ببساطة:
- الإمتناع عن الإفساد في الأرض
- الإمتناع عن سفك الدماء
" قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء"
- التراكم و الإنتاج المعرفي " و علّم آدم الأسماء كلها"

و نخلص إذن بعد هذا إلى أنّ السجود حركة و سير وفق برنامج موضوع في الساجد نفسه. فإذا كان مفهوم السجود هو هذا فالمسجد هو مكان و موضع السجود فهو بهذا المعنى الكون كلُّه، و هو بهذا المخابر العلمية التي تدرس سنن السجود التي يسير عليها الكون الحي(بيولوجيا) و الميت (فيزياء), و المسجد هو المؤسسات التنفيذية في هيئة ما لسيرها وفق قوانين مرسومة. و البلاغ المبين يعبِّر عن هذا المعنى في قوله :



سُنّة الدفع بين الناس (التنافس) تمنع الهدم و التصدع و سقوط الأجزاء، و الهدم لا يدل على التصدع الشامل المُعبّر عنه في البلاغ المبين بالهد (مريم 19/90). فلولا سُنّة الدفع بين الناس و التنافس بينهم لهدمت :
صوامع
بيع :مشتقة من البيع، وهي أماكن للتجارة (بنوك، توثيق،...)
صلوات : أماكن رصد حركة المجتمع دون إعاقتها
مساجد : المخابر العلمية و المؤسسات التنفيذية...

المسجد إذن مكان حدوث السجود، فهو يعبر عن مكان و موضع سير البرنامج. فما معنى المسجد الحرام؟ و ما الفرق بين المسجد الحرام و المسجد الحرامـ ؟
و قبل الإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا أولاّ محاولة تحديد معنى الحرام في البلاغ المبين.
ورد لفظ حرام في القرآن بمشتقات عِدّة :

حَرَم / حُرُم /حُرُمات /حَرَام / مَحْرُوم/ مَحْرُمون.

و في دلالة الألفاظ السابقة قرار المَنع من الإقتراب من شيءمن سلطة عليا. هذا المنع ليس فيزيائيا، فحرية التجاوز و القفز على الحرام و الحرمات واردة. هذا المعنى يمكن استقراءه بترتيل مجموع الآيات التي آتى فيها اللفظ و مشتقاته.وورد فعل التحريم بالتشديد :

حَرَّم /مُحَرّم / مُحَرّمة.

هذا التشديد( ّ ) المُعَلّم به حرف الراء في لفظ حرم يعبِّر عن درجة أعلى في التحريم و تثبيثه بالشدّة فوق راءه لظهور سبب المنع و لنتأمل:

"قل لا أجد في مآ أوحي إلي محرّما على طاعمـ يطعمه إلاّ أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنّه رجس أو فسقا أهّل لغير الله به؛ فمن اضطر غير باغ و لا عاد فإنّ ربّك غفور رحيمـ "
الأنعام:145

فالمَيْتَة هي البهيمة التي ماتت حتف أنفها دون أن يتدخل الإنسان في إماتتها كالطيور التي تموت بفعل حمى الدجاج، فهذه يمكن أن تكون حاملة لأمراض قاتلة.
و الدم ناقل أساسي للفيروسات.
و لحم الخنزير (كل لحم في حي اختلط ورجس بفعل الكائنات الميكروبية الفاعلة فيه و أصبح قاسيا غير صالح للإستهلاك بفعل كثرة الأوكسيدات نتيجة الهرم أو نتيجة ماهية البهيمة نفسها.
و ما أُهِلّ به لغير الله هو ما أثبتث البحوث عدم صلاح استهلاكه و في معنى الفسق في البلاغ المبين الخروج عن المعروف.
كل هذه المحرّمات واضح بائن سبب تحريمها، و الذي يضطر غير باغ أي بسبب سقفه العلمي المحدود و لم يثبث له العلم عدم صلاحيتها، والذي يضطر إستهلاك هذه الأنواع من غير عدو في حالة جوع مثلا، فإستهلاكه يغفره الغفور الرحيم، و الإنسانية تُحرّم على نفسها كل ما سطره البلاغ المبين و إن لم تقرأ حرفا من القرآن.
إذا كان المسجد إذن هو مكان و موضع سير البرنامج و إذا كان الحرام هو قرار المنع الأخلاقي من سلطة عليا و ليس منعا فيزيائيا، فما مدلول جمع هذين اللفظين؟.

المسجد الحرام معرّف فهو معروف في البلاغ المبين و لا نملك إلاّ استنطاقه لتحديد مكان السير على البرنامج و مكان قرار المنع. و لن نذهب بعيدا فالمكان هو موضع نفخ الروح في آدم و قرار المنع هو منع آدم و حواء من الإقتراب من البشر الهمج (أنظر بحث "ءادم و شجرة الهمج). و المسجد الحرام بمدلوله الحسي المتعارف عليه بحدوده الجغرافية الحالية قد يكون هو نفسه الموضع الذي وقع فيه نفخ الروح و قد يكون امتداد له في المدلول إذ فيهما يُحْرمُ سفك الدماء و الإفساد في الأرض، و هذا هو المعنى الأساس في برنامج المنع (أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء). و البلاغ المبين لا يتركنا في حيرتنا بل يقدم لنا المدلول المحدد الدقيق لمدلول المسجد الحرام في إطار الإختيارين السابقين فماذا يقول البيان المبين ؟
ورد رسم المسجد الحرام برسمين. فقد ورد برسم (المسجد الحرام) في الآيات التالية :



فالمسجد الحرام متعلق ببرنامج المنع بالإختلاط بالهمج و هو منع متسع في حدوده الجغرافية (الحرامـ بميم الإتصال) و إن كانت حدوده الأولى مضبوطة إلى اليوم (الحرام).
و بعد هذا العرض نصل إلى مفهوم المسجد الحرامـ في أول سورة الإسراء(17/1) وهو الأرض جميعا فهي بكل الأشكال مسجدا حراما بحكم السياج المحاط بها و حفظها من الدمار بحقلها المغنطيسي الحافظ لقميصها و الأحياء فيها، و هي في هذا امتداد لحدود الحفظ الأولى التي وُضِعت لآدم لحفظه من الهمج، فهي حرام عليه الخروج منها و محرّمة عليهم. والأرض بهذا مسجدا حراما لإصدار السلطة الربّانية قرار منع سفك الدماء بيننا و قرار المنع من الإفساد فيها. وتمت رحلة النبي الكريم من المسجد الحرامـ إلى المسجد الأقصا (و ليس الأقصى فالرسم القرآني بعد خطير ينبغي تأمله) :



و المسجد الأقصا هو إذن موضع السجود الأقصاالذي يعني موضع وصول السنن إلى حدودها الأقصى في السير و هذا ما يسميه الفيزيائيون اليوم ASSYMPTOTIC LAW و هي ما يحدث داخل سدرة المنتهى عمق الثقب الأسود المحدود بأفقه الأعلى كما سبق شرحه و التفصيل فيه من قبل. هذه الرحلة تمت ليلا أي في حالة عدم اتضاح الرؤية للنبي في حال رحلته وهو ما يشير ربمّا إلى رحلة في أنفاق الجاذبية المعروفة في نظرية الجاذبية العامة الكمية RELATIVISTIC QUANTUM THEORY إذ في هذه الأنفاق تصير الرحلات مهما كانت مسافتها لحظية، و تبقى هذه المسألة نظرية يصعب تصديقها لصعوبة فهم و استكناه مفاهيم النظرية النسبية العامة متصلة بنظرية الكم بطريقة تتماشى و تجربتنا اليومية، فهاتين النظريتين لا يمكن فهم نتائجهما إلاّ رياضيا.
هذا المسجد الأقصا بورك حوله أي في أفقه بإظهار ماهية الرّب و ما يحمل هذا الموضع من آيات الله الكبرى.
آية الإسراء قرنت مباشرة بالحديث عن إيتاء موسى الكتاب إشارة إلى وحدة المُكلَّف بمحمد و موسى و هو ربّ كليهما و حُرّم موسى من رؤيته لأنّه طلبها و أعطيها النبي الكريم و لم يسع إليها.
و هكذا وصلنا إلى نهاية المطاف. فالنبي كُرِّم في برحلة إسرائية لصبره العظيم ضد مناوئيه من قومه و من حولهم لتستقر نفسه الكريمة و تدرك حقارة أفكار هؤلاء و هزلها أمام الرسالة التي استودعها وليرى هذا النبي الرؤوف ببصره ما يحلم برؤيته أي راسخ في العلم. لقد أبصر و رأى من آيات الله الكبرى. و للأسف أنّ روايات المحدثين فيما سموه بحادثة الإسراء و "المعراج" شوهت آيات النجم و التكوير و الإسراء و جعلت عليها غشاوة حاولنا في هذا البحث السريع إزالتها لنفتح طريقا لقراءة تبتعد عن وثنية الرؤيا و خرافات المحدثين و لنتعامل مع النص القرآني مباشرة و دون واسطة و سأعرض قريبا بحثا في رؤية هولاء المحدّثين لحادثة الإسراء و تناقضهم مع ءايات القرءان.

و في النهاية علينا أن نلاحظ رحمة من صاغ القرءان و إحترامه للسقف المعرفي لكل جيل و كأنّ الصحيفة المنزلة تُفْتح في كل آن لتُقرأ وفق السقف المعرفي دون أن تنغلق على قارئها. و نحن في هذا العصر بحكم بعض الكشوف الكونية نرى ألفاظها أنصع من ضوء الشمس و نرى تعابيرها عين كلام أي فيزيائي عن ما يحدث في عمق الثقب الأسود و من يأتي بعدنا سيُعمّق من نظرته للسورة و للأيات دون أن تتناقض قراءته مع قراءتنا ما دمنا نتعامل مع القرءان بالمنهج الصحيح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق